الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

العلاقات العامة وإدارة "ضغوط العمل" في المنظمات

  • 14:03 PM

  • 2020-09-21

د. يحيى إبراهيم المدهون:

تتفاقم ضغوط العمل نتيجة التغيرات العصرية التي تشهدها بيئات الأعمال، ومن الواجب إدارتها واستيعابها باحتراف ومسؤولية؛ لضمان استمرار نجاح المنظمات وتطورها، وقد اهتم رجال الفكر الإداري والتنظيمي في ضغوط العمل نظرا لارتباطها بالعنصر البشري وتأثيراتها فيه، باعتباره محور العمل في المنظمات، والمسؤول عن تسيير الموارد الأخرى، وتحقيق أهدافها.

تعريف "ضغط العمل"

ومن أكثر التحديات التي تواجه العاملين في المنظمات "ضغط العمل" وقد عرفه "كابلن " بأنه: أية خصائص موجودة في بيئة العمل تخلق تهديدا للفرد. ويعرف "لوثانز" ضغط العمل بأنه: الاستجابة لموقف أو ظرف ينتج عنه انحراف جسماني أو نفساني أو سلوكي لأفراد المنظمة.

ويشير ضغط العمل إلى تغييرات ناتجة عن التفاعل بين الأفراد وأعمالهم تدفعهم للانحراف عن أدائهم الطبيعي. ويتكون "ضغظ العمل" من: "المسبب" وهي الأمور التي تؤدي لردود الفعل، و"الاستجابة" وتكون عبر ردود الفعل، و"التفاعل" وهي الأفعال والتصرفات والسلوكيات.

مصادر "ضغط العمل"

تتواجد داخل بيئة العمل وخارجها مثيرات ومنبهات ومواقف ومشكلات كثيرة تشكل في مجموعها مصادر ضغط العمل، وتكون السبب في حدوث ردود أفعال وسلوكيات مختلفة، ومنها المصادر التنظيمية والوظيفة والشخصية وكلها تؤثر في ضغوطات العمل لدى الأفراد أثناء تأدية مهامهم.

ومن ضغوط العمل الناتجة عن المصادر التنظيمية كل ما يتعلق بخصائص المناخ التنظيمي ومنه الهيكل التنظيمي والنمط القيادي والسياسات والإجراءات والقوانين والثقافة التنظيمية السائدة.

وهناك مصادر تتعلق بالضغوط في الوظيفة تتمثل في عدم الأمان الوظيفي، وصعوبة العمل، وكثرة طلبات الوظيفة وصراع الدور وتعارضه وغموضه، وتدني فرص التقدم الوظيفي، وزيادة العبء الوظيفي أو قلته، وعدم المشاركة في صنع القرار وانعدام الحوافز، وكذلك اختلال أحوال وظروف وبيئة العمل المادية ومنها الإضاءة والحرارة والضوضاء والتهوية والمكتب والأثاث وغيرها.. والمسؤولية تجاه الآخرين فالأفراد المسؤولين عن آخرين يعانون من ضغوط عمل مرتفعة فكلما كانت نظرتهم واتجاهاتهم إيجابية أو سلبية نحو العاملين قد تزيد الضغوط أو تقللها، وقد يحصل فرد على تقييم أداء منخفض وهذا مصدر لزيادة ضغط العمل لديه، وطبيعة قيادة الأفراد، وعلاقات العمل تؤثر في ضغوط العمل فمثلا انتقاد أداء العمل بصورة قاسية، والابتعاد عن الثناء والتقدير والتعزيز والتحفيز كل ذلك يسهم في زيادة ضغط العمل وتدني الروح المعنوية وانخفاض مستوى الرضا الوظيفي.

وهناك مصادر تتعلق بالضغوط الفردية وتتعلق بشخصية الفرد كمسبب للشعور بضغوط العمل؛ ومنها نمط الشخصية، فهناك نمط يبالغ في الطموح لديه طموح وظيفية مفرطة تجعله تحت ضغط لا داعي منه، ومستعجل لديه رغبة في إنجاز أكبر عدد من المهام ويشعر دائما انه تحت ضغط الوقت، وهناك نمط آخر صبور وليس في عجلة من أمره ولديه ثقة وهدوء، وكذلك مدى التوافق بين الفرد ووظيفته والدوافع الشخصية واختلاف قدرات الأفراد، والعلاقات في العمل بين الأفراد داخل المنظمات، ومنها العلاقة مع الزملاء ومدى التوافق والانسجام بينهم وشدة تماسكهم ومؤازرتهم لبعضهم البعض، ومدى توافر روح المودة والألفة بينهم، كل ما سبق له دور في التفاوت بالإحساس بضغط العمل.

"استجابة" العاملين لضغوط العمل

عرف (غراث) ضغط العمل بأنه: حالة تنتج عن تفاعل بين الفرد والبيئة بحيث تضع الفرد أمام مطالب أو عوائق أو فرص. وقدد حدد "هانز سيلي" ردود الفعل الإنساني النفسية والجسدية تجاه الضغط وهي مرحلة التنبه للخطر أو التهديد وفيها يتجهز الجسم للمواجهة والتحدي، ثم مرحلة "مقاومة مسببات الضغط" حيث يزول القلق والتوتر بزوال أعراض الضغط، وفي حال استمرت فترة طويلة دون التغلب عليها نصل الى مرحلة "الانهاك" وفيها يتعرض الانسان لارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية نتيجة لضعف وسائل الدفاع والمقاومة.

ومن ذلك يتضح لنا، الاختلاف في درجة استجابة العاملين لضغوط الأعمال فقد تستفز هذه الضغوط حماس العاملين وتسخر جهودهم لمقاومتها، وتزيد من دافعيتهم نحو العمل وتخلق لديهم روح التحدي والمثابرة والقوة والانضباط في العمل؛ لتحويل التهديد إلى فرصة وتحقيق الأهداف، وهذا ما يعرف بالغضب والانفعال الإيجابي، ويساعد ذلك في رفع كفاءة العاملين واكتشاف قدراتهم المميزة، وقد يصاب بعضهم باليأس والإحباط والقلق وعدم القدرة على التركيز، واللامبالاة وضعف تحمل المسؤولية والمقاومة وهذا ما يعرف بالغضب أو الإنفعال السلبي.

المشكلات الناتجة عن "ضغط العمل" وسبل التغلب عليها

إن الإحساس المتزايد في ضغوط العمل له انعكاسات سلبية على سلوك العاملين ومستوى أدائهم الوظيفي وعلى المنظمات بشكل عام، ومنها وجود بيئة عمل مليئة بالمشكلات والصراع النفسي والإحباط والتردد والإرهاق، وحدوث اضطرابات نفسية من توتر واكتئاب وشعور باليأس وقلة الثقة بالنفس، والتأويل الخاطئ في كل المواقف، وسوء العلاقات بين الأفراد، والحساسية الزائدة تجاه زملاء العمل، والاستياء من جو العمل، والتشتت الذهني وضعف التركيز في العمل، وتزايد العدوانية وسرعة الغضب على أبسط الأمور، والميل للتفكير المتشائم، وكثرة الخوف، والتمرد وعدم احترام الأنظمة وارتفاع معدل الشكاوى والتظلمات والدعاوى القضائية.

وضغوط العمل تسبب أيضا الخسائر الاقتصادية للمنظمات وتؤدي إلى ظهور الكثير من المشكلات التنظيمية ومنها حدوث اختلال وظيفي وضعف مستوى الأداء، والتغيب والتسرب الوظيفي، ودوران العمل وضعف الروح المعنوية، وانخفاض الإنتاجية، وكراهية العمل والشعور بعدم الرضا عنه وضعف الانتماء للمنظمة.

ويستطيع الموظف التعامل مع ضغط العمل وإدارته بالبحث عن مسببات الضغوط ووضع خطة لحلها والتخلص منها، وتنظيم مكان العمل، وجدولة ما يقلقه على ورق، وتحسين مهاراته في تنظيم الوقت وترتيب الأولويات، وتطوير مهاراته الذاتية والمهنية والاجتماعية، التركيز على الجوانب الإيجابية في بيئة العمل وإحسان الظن بالآخرين والاهتمام بالرعاية الذاتية والاعتناء بالنفس ومكافأة الذات بالترويح عن النفس من خلال ممارسة الرياضة بانتظام، وممارسة الاسترخاء والتأمل والنوم ساعات كافية، وبناء الثقة بالنفس، والاستمتاع بالإجازات للإعتناء بالنفس وضمان الرعاية الذاتية، والتركيز على الصورة العامة بدل من الغرق في التفاصيل، وتسجيل المواقف التي يمر بها العامل، وتحديد وقت قصير لمحاسبة الذات ومراجعتها.

دور العلاقات العامة

تتوقف إدارة الضغوط والتخفيف من حدتها على قدرة المؤسسة في التعامل معها؛ لتحوليها من ضغوط سلبية إلى إيجابية وهنا يأتي دور العلاقات العامة للقيام بوظائفها والاستفادة من مهارات العاملين فيها؛ للمساهمة في توفر ظروف عمل محفزة ترفع المعنويات وتدعم روح الفريق الواحد، وتتحدى العراقيل من خلال العمل على تحليل الضغوط التي تعاني منها المنظمات، والوقوف على أسبابها ورصد وتحليل مستويات ضغوط العمل، والعادات الذهنية والسلوكية التي تسيطر على العاملين نتيجة تلك الضغوط ووضع حلول لها، ووضع البرامج لإفساح المجال أمام العاملين لممارسة هوياتهم واعطائهم قسط من الراحة والاسترخاء والتخفيف من حدة الضغوط من خلال تنظيم الحفلات والرحلات والمناسبات التي تعزز الاحترام المتبادل وتسهم في تكوين علاقات الطيبة وبناء جسور التواصل الفعال بين زملاء العمل وبين العاملين والمديرين، وفتح باب الحوار والاستماع الجيد لوجهات نظرهم واحترامها واستيعابها ومشاركتهم في العمل، وكذلك الاقتراب من مشاكل العاملين الشخصية والعائلية وتلمس احتياجاتهم، والاهتمام بشؤونهم الأسرية.

وكذلك للعلاقات العامة دور في تدريب العاملين على إدارة الوقت وترتيب الأولويات وجدولة الأعمال والمهام المطلوب إنجازها وتنمية مهارات التفكير الإيجابي، وإدارة الانفعالات وتحسين الذكاء العاطفي لإدارة واستخدام العواطف بطريقة بناءة وإيجابية، وتزويدهم بمهارات مواجهة الضغوط كل ذلك يعزز انتماء العاملين للمنظمات ويقلل من الضغوط التي يعانون منها وتحفزهم وتزيد من دافعيتهم نحو العمل، وبذلك يمكن أن تثمر جهود العلاقات العامة بالتأثير في آراء جماهيرها الداخلية وسلوكيتاهم وكسب تأيدهم ومساندتهم لأعمال المنظمات وتحقيق أهدافها.

وتستطيع العلاقات العامة تقديم النصح والمشورة للإدارة العليا للمساهمة في تقليل حدة الضغوط عبر مطالبتها بتخفيف الإجراءات الصارمة والرقابة الشديدة على العمل، والعدل بين العاملين والاستماع لمشكلاتهم، ووضعهم في وظائف لا تتخطى قدراتهم ومؤهلاتهم، وعدم الاكثار من متطلبات العمل التي تفوق قدراتهم.

ولا شك أن إدارة ضغوط العمل يؤدي إلى تحسين الأداء وتعزيز الانتماء والحفاظ على نشاط العاملين وتحسين جودة العمل ورفع الكفاء والإنتاجية، وتعمل على تحقيق قدر كبير من الرضا الوظيفي.

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات