الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

الحكم الذاتي لسيناء.. تفاحة نيوتن أم ترتيبات لتمرير صفقة القرن؟

صورة توضيحية من الارشيف

صورة توضيحية من الارشيف

  • 02:06 AM

  • 2020-04-30

القاهرة - " ريال ميديا ":

5 مقالات أثارت جدلا صاخبا في مصر خلال الأيام الماضية، بعدما طرحت مقترحا يقضي بعزل سيناء، شمال شرقي البلاد، واختيار حاكم خاص لها، في خطوة مبدئية نحو تدويلها ومنحها الاحكم الذاتي.

وعلى الرغم من إحالة كاتب المقال (يحمل اسما مستعارا هو نيوتن)، إلى التحقيق، وتغريمه 250 ألف جنيه (نحو 16 ألف دولار)، وإحالة الواقعة إلى النائب العام، فإن الجدل، أخذ منحى تصاعديا، شعبيا ورسميا.

ويثير مقترح الحكم الذاتي لسيناء، مخاوف جمة، تتعلق بالعلاقة المحتملة بين المقترح، وترتيبات خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن".

تفاصيل المقترح

يتضمن مقترح "نيوتن" عدة بنود، الأول تعيين حاكم لسيناء، على أن تكون مدة بقائه في منصبه 6 سنوات، بصلاحيات تتجاوز مهام المحافظ، ودون التقيد بسلطة الحكومة المركزية.

ويطرح البند الثاني، منح شبه الجزيرة المصرية حكما شبه ذاتي على غرار إقليم "بافاريا" الألماني.

أما البند الثالث فيتضمن منح سيناء ميزانية خاصة، والاستقلال التام عن بيروقراطية القوانين السائدة، على أن تقتصر علاقة الإقليم بباقي الدولة على السياسة الخارجية والدفاع.

ويتعلق البند الرابع بمنح شبه جزيرة سيناء صفة اقتصادية خاصة، على أن يتم تطبيق القوانين المطبقة في هونج كونج مثلا (لها نظام حكم ذاتي مستقل عن الصين)، بهدف إعطاء الفرصة لتحقيق نهضة اقتصادية عمرانية.

ويطالب البند الخامس من المقترح، بتدويل سيناء، وتحويلها إلى منطقة حرة اقتصاديا، تضم البنوك العالمية، ومؤسسات الاستثمار الكبرى، بما يجعل منها "وول ستريت" مصرية تتمتع بمميزات اقتصادية جاذبة.

حقيقة "نيوتن"

وقد حفزت مقترحات "نيوتن" الكثيرين للبحث عن هوية الكاتب الحقيقي لهذه الاقتراحات، الذي تبين لاحقا أنه رجل الأعمال المعروف "صلاح دياب"، مالك صحيفة "المصري اليوم".

ويحظى "دباب" بصلات وثيقة مع أجهزة سيادية في البلاد، إلى جانب شجل تطبيعي حافل، ونشاطات استثمارية ضخمة مع الجانبين الإسرائيلي والأمريكي، وهو ما يمنح أطروحاته مزيدا من الأبعاد.

ويرى مراقبون، أن رجل الأعمال المرموق، ورئيس مجلس إدارة مجموعة "پيكو"، لا يمكن له طرح تلك البنود بشكل مفصل، على مدار 5 مقالات، من تلقاء نفسه دون الحصول على ضوء أخضر من جهة سيادية، لتكون هذه المقالات بمثابة بالون اختبار لقياس مدى تقبل الشارع المصري لمقترح الحكم الذاتي في سيناء.

واللافت أن "دياب" الذي يعد أكبر الشركاء التجاريين لـ(إسرائيل) في مصر، والمستحوذ على ما يقرب من 70% من التوكيلات الأمريكية، عاد إلى كتابة مقاله اليومي، دون أية إجراءات عقابية بحقه أو تحرك أمني لتوقيفه.

موقف "السيسي"

الجدير بالانتباه أن الجدل المصاحب لطرح "نيوتن" استدعى اهتماما وتعليقا من قبل الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، والذي أبدى تأييدا ضمنيا له، بالقول إن "هناك مقالا تكلم عن سيناء، وكل الكلام الذي تم طرحه مقدر".

وأضاف "السيسي" خلال افتتاح عدد من المشروعات القومية الكبرى، شرق قناة السويس، قبل أيام: "لا يمكن القول إن من يتحدث في مثل هذه الموضوعات له أي أهداف خبيثة، ولكن أتمنى ممن يتحدث عن سيناء أن يكون ملما وعلى علم تام بما فعلناه فيها".

وتطرق "السيسي" إلى حجم الإنفاق الحكومي على تعمير سيناء الذي زعم أنه بلغ 600 مليار جنيه (نحو 37 مليار دولار)، داعيا رجال الأعمال والمستثمرين إلى مشاركة الدولة، في خطط التنمية بسيناء.

الخطير في الامر، أن الرئيس المصري لم يبد موقفا واضحا بشأن مقترح الحكم الذاتي، واستنساخ تجربة "هونج كونج" في سيناء، ما قد يعني أن الطرح، ربما يكون متداولا بالفعل في أروقة دوائر السلطة العليا.

وتحظى سيناء (نحو 6% من مساحة مصر)، بثروات تعدينية ضخمة، وميزات سياحية نوعية، لكنها تمثل صداعا للجيش المصري؛ لكونها بؤرة ساخنة تشهد نشاطا متزايدا لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وتشهد توترا على الحدود مع قطاع غزة.

صفقة القرن

وفي هذا الصدد، لا يمكن تجاهل التوقيت الذي تم فيه طرح هذه المقترحات بالتزامن مع ترتيبات تجري في منطقة الشرق الأوسط لتمرير "صفقة القرن"، التي تتضمن بنودا تهدف لصناعة اتصال جغرافي أوثق بين قطاع غزة وسيناء، وتعزيز التجارة بين مصر والقطاع.

وتقضي الخطة، التي نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية، مطلع العام الجاري، بمنح مصر حوافز بنحو 10 مليارات دولار، مقابل تطوير بنى تحتية تجعل مدن سيناء جاذبة للاستثمار، وإنشاء مناطق صناعية وتجارة حرة، على أن يتم تخصيص نسبة من العمالة فيها للفلسطينيين.

ومنذ سنوات، تروج دوائر إعلامية وسياسية في (إسرائيل)، لخطط تقضي بإعطاء أراض من سيناء للفلسطينيين، ضمن ما يعرف بمشروع "الوطن البديل"، وهو مقترح تقدم به فعليا رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنامين نتنياهو" إلى الرئيس المصري الراحل "حسني مبارك"، ورفضه الأخير، وفق إفادة سابقة له في تسريب صوتي.

وتؤكد المعطيات على أرض الواقع، أن طرح "نيوتن" لم يأت من فراغ، بل يستند إلى سياسات وإجراءات تجري فعليا منذ العام 2014 لتفريغ المنطقة الحدودية من سكانها، وإنشاء منطقة عازلة، على مرحلتين، بطول 14 كيلو متر، وعمق 1500 متر، بدءا من الحدود مع قطاع غزة باتجاه الداخل المصري.

وتحت غطاء العملية العسكرية "سيناء 2018"، جرت توسعة ثالثة للمنطقة العازلة، لتصبح المساحة الإجمالية للمنطقة 5 كيلومترات داخل الأراضي المصرية، بعرض 14 كيلومترات، وهو ذاته عرض الحدود بين قطاع غزة وسيناء.

حكم ذاتي

توفر صيغة الحكم الذاتي المقترحة لإدارة سيناء في مرحلة ما بعد العزل، تمرير قوانين خاصة بالمنطقة، قد تفتح الباب لعملية نزوح هادئة للاجئين الفلسطينيين بهدف توطينهم في شبه الجزيرة المصرية.

وتوفر 12 مشروعا اقتصاديا مرتبطة بمصر، وفق الخطة الأمريكية، حزمة إغراءات لصانع القرار المصري، لتمرير الصفقة، والتمهيد لها عبر تسويق مقترحات "نيوتن".

وفي هذا السياق، يجدر التنويه تحديدا إلى ما ساقه "دياب" حول العقبات التي تواجه مقترحاته، حيث أكد "الطرح سيواجه عقبات ومصاعب جمة، أولها وأهمها أن هناك جهات اكتسبت بحكم تاريخ الصراع السياسي في الشرق أوضاعا خاصة تحتاج إلى تفاهمات وترتيبات لتيسير المشروع"، في إشارة ربما إلى أهمية التنسيق مع (إسرائيل).

وقد لقيت مقترحات "دياب" للحكم الذاتي تأييدا صريحا من قبل من رئيس تحرير صحيفة الوفد الأسبق "عباس الطرابيلي" قائلا إنها "من الأفكار البناءة، وستحول سيناء إلى نمر آسيوي جديد، وأن فكرة حكام الأقاليم معمول بها في نظم إدارية مرموقة منها الولايات المتحدة".

ويبدو في ضوء ذلك، أن مقترح "نيوتن" أو "صلاح دياب" بشأن مستقبل سيناء، لم يكن مجرد سلسلة مقالات، بقدر ما كان بالونة اختبار، وطرح أولي لفكرة (حكم ذاتي)، تعضدها سياسات فعلية لتهجير السكان الأصليين، وإقامة منطقة عازلة، ولاحقا وطنا بديلا للفلسطينيين.

وكالات - الخليج الجديد:

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات