الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

أدب الأوبئة وأوبئة الأدب

  • 21:27 PM

  • 2020-04-09

أكرم أبو سمرا:

ثمة أدب تحدث عن الأوبئة وعالج انتشارها انسانيا وأخلاقيا وروحيا وفكريا .. وبالمقابل هناك أدب سقط صريع أوبئته .. لأنه أفقي وماكينة تفريخ لخيال مريض يكون مصير الانسان فيه رهين عقد الكاتب وأسير السعي للشهرة وضحية التوجيهات السرية العليا .
ثمة أدب تناول ثيمة الوباء من خلال معالجة واقع ما بتفكيكه وتحليله وتوظيف عناصره من متناقضات ومفارقات وآلام وصراعات ومعاناة وحيرة وجنون وعبث وانفلات وفواجع متسلسلة متنامية مستمرة .. طارحا أسئلة جوانية عن الجوهري والعابر .. عن المهم والتافه – التافه يكون شديد الأهمية في الترتيب أحيانا - تاركا لك مهمة الإجابة... أو مقاربة ذلك عقليا .
وبالمقابل هناك أدب .. أكثر انتشارا ..أدب مغاير – إن جازت تسميته بالأدب – أخص هنا ما أنتجته الماكينة الأمريكية .. وهو أدب يدور حول خيال يستحيل الوقوع .. وليس له غير هدف ظاهري هو الرعب والخوف والأكشن والمغامرة الشرسة المتوحشة .. أما الهدف الباطني له كأدب شعبوي فهو التكفل بمهمة غسيل الأدمغة .. عبر مقولة ( تغيير العقول وبرمجة السلوك ) بما يخدم أهداف صانع القرار المسيطر هناك داخليا وخارجيا .. ولهذا لا عجب إن كانت الروايات التي تعالج هذه المواضيع تعد بالمئات في أمريكا .. ولا غرابة إن لقيت طريقها إلى هوليود غير مرة
على فكرة : يوصف كتاب هذا النوع أمريكيا بأنهم أصحاب نبوءات .. ولو تتبعت رواياتهم .. فستجد أن الفلكيين اللبنانيين من أمثال ميشال حايك وليلى عبد اللطيف التي توقعت أن يضرب العالم وباء في بدايات 2020 ويعجز العالم عن ايجاد حل له .. في حين كانت كل تنْبؤات ستيفن كينغ وسيلفيا براون .. حتى أن ناقدا سخر من الأخيرة ومن معجبيها حين قال : يكفي أنها لم تتوقع تاريخ ولا يوم وفاتها !!
يوصف أدب الأوبئة عموما .. بأنه أدب الأبوكاليبك – بالإنجليزية – أو أدب الأبوكاليبتيك – بالفرنسية – كما ويوصف بأنه أدب القيامة أو نهاية العالم وما بعد القيامة والنهاية .. أو أدب الحافة .. أو أدب الهاوية .. وما بعدها .. والكارثة وما بعدها .ز ولا أعرف .. هل سيوصف عربيا بعد الكورونا بأدب الشلولو .. وما بعد الشلولو !!!
القصد : قمت في الأيام السابقة باستعراض أزيد من ثلاثين عملا روائيا وكلها تقع تحت عنوان أدب الأوبئة .. وحتى لا يختلط الحابل بالنابل .. والغث بالسمين .. كان لابد من اللجوء إلى التقسيم الجغرافي .. للتفريق بين أدب ينسب للولايات المتحدة الأمريكية .. وأدب مواز له يمكنك أن تنسبه لبقية العالم .
يا جماعة : لاحظت من خلال هذه المتابعة أن أدب الأوبئة ينقسم إلى ما يلي :
- أدب الواقع المعاش .. بمعنى أن الكاتب عاش واقع ذلك الوباء
- أدب متخيل .. بمعنى أن عاد إلى التاريخ المعاصر أو إلى الماضي للكاتبة عنه .. ولكن .. يبقى الأدب هنا عن واقع معاش عند الآخرين .. وإن كان غير معاش فيزيائيا بالنسبة للكاتب
- ما بعد بعد الواقع .. حيث العالم خيالي ومستحيل التحقق

يا سادة : كتب في أدب الأوبئة .. كتاب من أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية والوطن العربي .. ومن بين من كتب في الموضوع .. كتاب من حملة جائزة نوبل .. ومن بينهم : كامو في الطاعون .. ونجيب محفوظ في الحرافيش .. وماركيز في الحب في زمن الكوليرا .. وساراماغو في العمى و رواية انقطاعات .. وجان لوكليزيو في الحجْر .. وتوماس مان في موت في البندقية ...
يا قوم : وقد لاحظت كيف كان الوباء هو البطل المطلق في العمل الروائي من خلال سيطرته وحضوره الطاغي على كل العمل حتى أنه كان المعرفة الكبرى في عمى ساراماغو بينما كانت الشخصيات الأخرى والزمان والمكان نكرات .. وبالمقابل .. حضر الوباء كأحد الأبطال في جزء من الرواية مثل ما نجده في الحب في زمن الكوليرا والحرافيش الخ
بالمناسبة : تقتضي الأمانة الموضوعية أن أستثني كاتبا أمريكيا هو فيليب روث .. الذي حرص على النأي بنفسه عن الشعبوية والسادية .. ولأنه لم يصب بعمى الرعب والخوف والمغامرة والخيال العلمي ولأن أدب الأوبئة لم يأت عنده على حساب الأسئلة الأخلاقية والإنسانية ولا على حساب الشخصيات ولا على حساب فنية السرد وتقنياته .. خصوصا في روايته ( نمسيس ) التي عالج فيها انتشار وباء شلل الأطفال .. حتى أنه أطلق تساؤلا على لسان البطل : لماذا يستهدف الله بالوباء الأطفال / الملائكة ؟
طيب : واليوم .. وبنس الآلية الفيليبية .. يمكن أن يخرج علينا روائي فيجعل بطله يصرخ : لماذا يستهدف الله كبار السن والمرضى بوباء كورونا ؟
يا ناس : استثنيت فيليب روث حتى لا يكون في خانة واحدة مع كاتب مثل ستيفن كينغ .. الذي انقاد ليريموت كنترول المبنى المحصن في لانغلي .. حين كتب روايته ( عيون الظلام ) عام 1981 .. فقام بتغيير اسم السلاح البيولوجي من ( غوركي 400 .. إلى ووهان 400 .. بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وصعود صين تيان آن مين
للأسف فإن كثيرا من الكتاب والصحافيين والفنانين من جماعة أبو العريف الجهلاوي قاموا بالترويج للرواية على أساس أنها تنبأت بظهور الفيروس من ووهان تحديدا .. وتصوروا حجم الضرر حين تقوم كاردشيان التي تتكلم من مؤخرتها .. والمؤخرة لا تكذب حسب أغنية شاكيرا .. بنشر ذلك على جمهورها الذي راح يهلل ويسبهل – من سبهللة – مشاركا مادة هذا الفتح الكاراداشياني العظيم .. لتصبح كيم أو كمبرلي الاسم الحقيقي الكامل بهذا الترللي .. أكبر من أي محاولة للتصحيح .. وإذا قالت كمبرلي فصدقوها ..لأن القول ما قالت كمبرلي
الأغرب أن الكاتب ستيفن لم يتدخل ليشرح سر هذا التزوير والخداع
والأعجب أن كثيرا من المنتبهين نفوا أن يكون ستيفن ضالعا في هذا الإثم السياسي .. مدعين أن الناشر هو من بادر لتصبح الرواية هي الأعلى مبيعا حاليا رغم هشاشتها فنيا !!!
طيب : وعلى هامش ما سبق .ز ويكون الهامش ويصير متن المتون أحيانا .. وجدت أن كل عمل من أعمال ستيفن كينغ قد ترجم إلى غير لغة عالمية .. وااكتشفت أن ريع عمل واحد يعادل كل ما كسبه الروائيون العرب من أول رواية إلى آخر رواية ستصدر غدا .. فقلت أعان الله الكتاب العرب على هويتهم .. ولعناتها .. حيث الكتابة مفتاح قبر وفقر وقهر .. فيما الكتابة هناك مفتاح ثراء
ملاحظة لا علاقة لها بالأمر : لاحظت أن الوباء في غالبية الروايات يخرج أقبح ما في الانسان .. ويبرز الذئب فيه .. والله أعلم
وللموضوع بقية

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات