جواد العقّاد يوثّق غزة المحروقة في كتاب جديد عن الحرب والكتابة

غزة - " ريال ميديا ":

صدر حديثاً عن دار الشروق في عمّان ورام الله كتاب جديد للشاعر والكاتب الفلسطيني جواد العقّاد بعنوان: "أكتب موتي واقفاً: هوامش الكتابة والحرب".

يمثل هذا الإصدار خطوة نوعية في تجربة العقّاد الأدبية، إذ يقدّم للقراء شهادات مكتوبة في قلب الحرب، حيث يواجه الموت بالكتابة، ويحوّل النص إلى سلاح وصوت للذاكرة الفلسطينية. الكتاب لا يكتفي بسرد الوقائع، بل ينفتح على الزمن النفسي والوجداني للكتابة تحت النار، ويصف أجواء النزوح والجنائز والهلع التي تعصف بالقلب والجسد، ليضع القارئ أمام لحظة حقيقية من حياة الفلسطينيين في زمن الحرب.

قدّم الكتاب الشاعر والأديب الكبير المتوكل طه، الذي رأى أن النصوص تتجاوز حدود الشعر لتصبح "مرافعة تاريخية"، توثّق الحرب كما تُعاش يومياً على الأرض، وتوضح كيف تتحول الكلمة إلى سجل حيّ للأحداث والمشاعر، وميدان لمواجهة الظلم والاحتلال. وأضاف طه أن العقّاد "يشهر سيف حروفه في وجه البشاعة والقتل والظلم، ويعطي الأدب المقاوم معناه الأصفى والأجمل، لأنه يصطف مع الإنسان في مواجهة كل ما هو فاشيّ ومسعور".

وغلاف الكتاب للفنانة وعد البياري، ليكتمل المشهد الفني الذي يجمع بين الكلمة والصورة، في محاولة لتجسيد معاناة غزة بصرياً وأدبياً في الوقت نفسه.

ويقول العقّاد عن كتابه: "أشكر دار الشروق ممثلة بالأخ العزيز والناشر المثقف الكبير الأستاذ فتحي البس على دعمه وإيمانه بالكلمة الطالعة من النار والمعركة. في هذا الكتاب، أكتب موتي واقفاً، وأكتب قلب غزة المحروق، وعن أصدقائي الشهداء الراسخين في الذاكرة والوجدان. هو كتاب شهادة وبقاء، محاولة لإحاطة الحريق بالكلمة قبل أن يُخمد، ونداء للبقاء وسط الدمار."

الكتاب يعكس أيضاً مسار العقّاد الطويل في الشعر والنقد والمقالات، حيث سبق له أن أصدر مجموعاته الشعرية آخرها "أقود الطيور من المذابح"، وكتب مقالات نقدية وفكرية في صحف ومنابر عربية. تجربة العقّاد الأدبية تتسم بالالتزام بالقضية الفلسطينية، وبالقدرة على الجمع بين الشعر والنثر والشهادة الإنسانية، لتقديم رؤية متكاملة عن صراع الإنسان الفلسطيني، وتجسيد الكلمة الفلسطينية في مواجهة الموت والظلم والتهجير.

من خلال هذا العمل، يثبت العقّاد أن الكتابة سلاحاً وفضاء للبقاء، ووسيلة لتسجيل الذاكرة وحراسة الأرض. "أكتب موتي واقفاً" يضع القارئ أمام أسئلة الوجود والحياة والموت، ويجعل من الكتابة فعل مقاومة، ومن الكلمة وثيقة حية عن الزمن الفلسطيني المعاصر.

ويأتي هذا الإصدار ليعزز حضور جواد العقّاد كواحد من الأصوات الأدبية الفلسطينية البارزة، ويؤكد على دوره في تحويل التجربة الفردية والجماعية إلى نصوص تحمل أبعاداً شعرية، إنسانية، وتاريخية في آن واحد، محاكيةً صمود الفلسطيني على أرضه، ومقاومته للحرب والنسيان بكل أشكالها.

يواصل العقّاد مشروعه الشعري والثقافي من خلال خطط لإصدارات قادمة تتناول الحرب والذاكرة والمقاومة، كما يعمل على جمع مقالاته الوطنية والشعرية في مجموعات جديدة، ليبني من خلالها رؤية فلسطينية متكاملة للأدب المقاوم، محافظة على صوت الأرض والإنسان معاً، ومؤكدة أن الكتابة فعل حياة وصمود وبقاء.