الخميس 23 اكتوبر 2025
العملة | سعر الشراء | سعر البيع |
---|---|---|
الدولار الامـريكي | 3.78 | 3.8 |
الدينــار الأردنــــي | 5.35 | 5.37 |
الـــيــــــــــــــــــــــــورو | 3.04 | 4.06 |
الجـنيـه المـصــري | 0.1 | 0.12 |
حسني هلال:
ترى.. أيهما وجد أولاً..
الغربة، بما هي نأيٌ في الزمان والمكان، عن الآخر العزيز علينا. ومنها جاءت غرابة الدنيا بـ"منما"[1] فيها، على المُغرّب؟
أم الأولية للغرابة، بما هي أسباب ونتائج ووقائع ومشاعر. وأنَّ غرابة العيش بعيداً عن ملاعبنا أطفالاً ومنازلنا أهلاً ومرابعنا أحبة، وما ينطوي عليه ذلك العيش من قهر للروح والجسد. هو إحدى غرائب الحياة، بل أشدها مرارة وحرقة ومضاضة!
وعلَّ غربة الغرب وغرابة الغرابات، تتجسدان في ما قاسته سوريتنا، غُبَّ حرب الإرهاب الدا-خارجية الكارثية المدعشنة. التي ما انفكت تداعياتها وعواقبها تكوي جسومنا ونفوسنا إلى يوم عذابنا هذا:
(لعنة الله على ظروف جعلتني كلباً بامتياز. وعلى حرب فقدنا فيها إنسانيتنا لنكون أقرب إلى الحيوان.ص22).
الهوتة..
ما سبق من تقسيم على مقام الغربة والغرابة. إن هو إلاّ مقدمة، لمعزوفة الألم "الهوتة". الاسم الذي تخيّرته الأديبة "نجاح ابراهيم"، لروايتها مثار مقاربتنا هنا. وعلنا لا نماري الواقع ولانجافي الوقائع. إذا ما تخيّرنا الغربة والغرابة عنواناً لمقاربتنا، لاسيما وأنهما ينتظمان الرواية مبنىً ومعنىً وعلى غير مستوى ومجال.
الأمر الذي لا ينتقص من وجود ومكانة عنونات وأفكار أخرى، عديدة ومغرية في الرواية، يمكن لمن يريد، تناولها بقلمه. كتكاملية التصريح والتلويح في المسرود.. الشعرية الناهضة في النص وبه.. تماهي الخاص والعام، والداخلي والخارجي والذاتي والموضوعي في سياقات السرد.. مثنوية الحب والحرب.. وليس آخراً، تقمص صاحبة "أحرقوا السذَّاب لجنونها"، للذكورية في شخصية "حامد". التقمص الذي يضاهي تقمص "نزار" للأنوثة، في روائعه الشعرية التي قدمها باسم المرأة:
(تبعتها إلى غرفتها لأخترق باباً واحداً يُفضي إلى عالم من عطر وبذخ وجمال. مواسمٌ تتنابع أمامي "..." تفتح أزرار قميصي بأصابع أكاد أرى العطر يسري تحت جلدها ص131-132).
قرائن حرب..
للصديقتين الأثيرتين، قرينتي الحرب، العدوتين اللدودتين للأنس والإنسانية "غربة وغرابة"، قبيلة من الأسباب والأنواع والأشكال والدرجات. ترافقنا مؤنة مجالستنا الرواية:
(فأنى سرت ثمة صحارى وخنادق وبنادق وعسس، وقنّاص، ونار، وشك وخوف. القتل غدا على الهوية، والويل لمن يحصل التباس في اسمه، أوشك به، لمجرد التشابه في الأسباب. لا وقت لدى كل الأطراف المتنازعة للتدقيق ومعرفة الحقيقة. هناك روح لا أهمية لوجودها، روح ستزهق بثانية.ص30-31).
فها هي الغربة والغرابة، تصافحاننا في أول كلمة على الغلاف كعنوان "الهوتة". الاسم الذي لم نسمع به قبلاً ولم نقع له على تفسير، لا تحت العنوان إياه ولا في الصفحات القليلة اللاحقة. وسرعان ما يطالعنا في الصفحة الأولى من الرواية "بمثابة إهداء"، كعنوان داخلي، وقد كتب تحته:
("....." وقد كنتَ برائحة وطن. ص6).
ما يزيد طين غربتنا واستغرابنا بللاً، ويغرينا بتفسير النقاط الخمس داخل القوسين، بأن الكاتبة تخفي وراء النقط اسم حبيبها المهدى إليه العمل. بعدها، تنقلنا الرواية إلى الصفحة التالية لنقرأ تحت عنوان داخلي ثانٍ: (ما يشبه الوصمة):
(كم خاتلت جرحاً وواريت موتاً؟!
وأبواب البقاء المرّ لا تفضي إلى طريق! ص7).
السطران أعلاه/ القصيدة، التي تشي، بفداحة ما كابده بلدنا.. وتحملته الروائية.. وحملته الرواية. جراء الحرب العشرية إياها، وما خصتنا به قرينتاها "الغربة والغرابة"، من فقد وعذاب وطعن وألم، تنعكس صورته في مناجاة "حامد" ربه، ذات لحظة من لحظات انتظاره حبيبته "بهار":
(يا الله كيف يحمل واحدنا أطناناً من الألم ويبقى على قيد الحياة؟! كيف لم ننفجر من الوجع؟!
غريبان نحن، شقيان. من بلاد الشمس جئنا، لنحط في بلاد الثلج أعزلين من كل شيء إلا من الرغبة في أن نعيش حياة كريمة فيها الأمان والأمن.ص 205).
بعض نهاية..
بما أن المثقفين العضويين عامة، والفنانين والأدباء خاصة، ثوار بطبيعتهم، وإن بنسب وألوان. فمما لا ريب فيه - في حال لم ينحرفوا – أن يجهدوا خلل وسائل إبداعاتهم، في مقاومة الظلم والاستغلال والفساد، على أنواعه: (فكراً كان.. وسائل.. دعاة.. أم مستثمرين). في سبيل تحقيق حياة آمنة كريمة للمواطنين تليق بإنسانيتهم.
نهاية، ولا نهاية في الفن والأدب، طالما بقيت الحقائق ذوات أوجه وعيون. هل قلنا نهاية؟ لتكن بعض نهاية. لقد أودعتنا المؤلفة، مدونتها عن الحرب، آنفة وسيئة الفعل والذكر، ساكبة فيها خلاصة ما رسب في حافظتها الفنية مما شاهدت.. عاينت.. ووصل إليها، من غرائب وعجائب وويلات. بما فيه ما يتصل بحفرة الهوتة، ليس كمقبرة كبيرة مرعبة فحسب. بل بما ترمز له وتدل عليه، وتسقطه على ما حاكاه، أو جاراه، وأكاد أقول فاقه، من إجرام وتغول في حق ودماء الأبرياء، على غير صعيد ومجال.
كما أنها استطاعت في ما وراء السطور، وعبر قبح ورهاب الحرب بمتنوع ومتلون أسلحتها. أن تحيلنا، في وعينا حيناً، وفي لا وعينا أحياناً، إلى وجه سعيد رضيّ وجميل، هو وجه ضدهما المُنْتَظَر.
ألم يقل الشاعر العباسي: والحسن يظهر حسنه الضد؟
نعم..
حسب صاحبة "عطش الاسفيدار"، إضافة إلى ما ضوَّعته لنا في إهاب مولودتها الجديدة، من أصيل طِيب "رند" الإبداع و"شيحه" و"خزامه"،
أن تذكي في شبابنا، طموح العزم،
وتطلق في فضائنا طيور الأمل،
وتبل في أجيالنا الطالعة، ريق عطشها وتوقها، إلى كفاف حياتها،
من خفق حرية..
وخبز عدالة..
وخير سلام.
[1] - مفردة نحتها الكاتب من الاسمين الموصولين: "مَنْ" و"ما".
2025-10-20
15:04 PM
2025-10-17
14:06 PM
2025-10-16
14:42 PM
2025-10-15
19:54 PM
2025-10-07
13:25 PM
2023-05-21 | 17:12 PM
صور ثلاثية الأبعاد لحطام تيتانيك تحاول البحث في ظروف غرقها