د. خالد صافي وأحلامه الثكلى

محمد نصار :

أحلام ثكلى مجموعة قصصية" للصديق د. خالد صافي، صدرت حديثا عن مكتبة الشروق الثقافية بغزة وتقع في نحو من مائة وعشر صفحات من القطع المتوسط، وتضم سبعة عشر قصة، تناولت في مجملها واقع الحياة في غزة تحت هذا الظرف الملتبس، الذي يستعصي على اللبيب وصفه وواقع الغربة والتشرد، الذي فرضه ذلك الظرف على الكثير من أبنائنا، ممن دفعوا ثمنه من دمائهم وقوت أهليهم، بحثا عن متنفس، او فرصة يحققون من خلالها شيئا من أحلامهم، التي ديست تحت عجلة الانقسام وما تبعه من مجريات وأحداث.

قرأت المجموعة القصصية بتمعن وشدتني بعض القصص فيها وبعضها الآخر لم يحدث في ذاك الأثر، إذ كانت في مجملها نمطية الطابع، سواء في البنية أو المضامين، وهو ما جعلني أرى أن الكاتب لم يطلع كثيرا على مراحل تطور القصة القصيرة وتاريخها، الذي شهد خلال العقود الأخيرة، عددا من التحولات التي مرت بها، فمن بداياتها الكلاسيكية الطويلة إلى حد ما والتي جاءت معظم قصص المجموعة شبيهة بها، إلى القصة القصيرة، ثم القصيرة جدا، إلى القصة الومضة التي ظهرت حديثا.

كما اتضح لي أيضا وهذا ما لمسته من خلال النصوص، أن قراءات الكاتب في الرواية أعمق وأكثر منها في القصة القصيرة، ففي النصوص التي طالعتها وجدت النفس الروائي واضحا بشكل لافت وذلك من خلال الإسهاب في الوصف والتفصيل، إضافة إلى الحوارات الطويلة، التي لا تحتملها القصة، فما بالك أن تكون بالعامية في أكثر من موضع، قد تحتمل الرواية مثل هذه الأشياء، لكن القصة القصيرة لا يمكن لها ذلك ولا بأي حال وهي القائمة في الأساس على الإيجاز والتكثيف.

ما أود قوله هنا ويعرفه الكثيرون من أصحاب الاختصاص، ان القصة القصيرة، فن صعب المراس.. مراوغ إلى حد كبير، رغم شكله أو طبيعته المغرية، لا ينقاد بيسر وسهولة والغوص في رماله المتحركة يحتاج إلى جهد كبير ودراية أكبر وهو ما لمست بعضه في هذه التجربة التي أعرض لها وغاب في عدة مواطن منها، لكنني وبصدق ورغم كل ما سبق، فقد عشت لحظات ممتعة في قراءتها ومتابعة أحداثها، التي فتحت علي جروحا ما برأت بعد.

شكرا للدكتور خالد صافي على هذا الإهداء الجميل، الذي سبق له وأصدر عددا من الأعمال الأدبية الجميلة، التي أثرت المكتبة العربية بما شملت من مواضيع .