الجمعة 12 سبتمبر 2025
العملة | سعر الشراء | سعر البيع |
---|---|---|
الدولار الامـريكي | 3.78 | 3.8 |
الدينــار الأردنــــي | 5.35 | 5.37 |
الـــيــــــــــــــــــــــــورو | 3.04 | 4.06 |
الجـنيـه المـصــري | 0.1 | 0.12 |
إياد خضير:
إيمار اسم فارسي يطلق على الذكور والإناث، يعني سلاح المحراث، صاحب الاسم إيمار هو الشخص القوي الشجاع كما أنه ذكي وحكيم ويعتمد عليه.
أعتبر بيرسي لبوك الرواية هي شريحة نسيجية من الحياة يظهر منها المقروء ويتموضع في فجواتها الكامن والفوقي الذي ينتج من خلال المقدرة التأويلية، لذلك تعد الرواية عالماً موازياً للواقع وهذا العالم يتكوّن من عدة مستويات نصيّة سواءٌ أكانت سرديّة أو حوارية أو وصفية، لكن ما يرفد هذه البنية التكوينية ويدور في فلك النص المكتوب هو ما يعرف بمصطلح ( النصّ المحيط ) والذي يعرّف نقدياً ( ما يدور في فلك النص من مصاحبات .. من عنوان الرواية و والعنونات الفرعية والإهداء والاستهلال ... )* (1)
العنوان الرئيسي والعنونات الفرعية احدى وعشرون نصاً فرعياً، نصوص موازية وفوقية دالة، تجعل المتن الروائي ذا حركية دافقة، ولا يخفى عند تصدينا لعنوان رواية أطياف ابراهيم ( إيمار) من طاقة هذا العنوان الإيحائية والكامن فيه ومدى ارتباطه عضوياً ببنية المتن الروائي من حيث تفكيك العنوان لمكوناته اللفظية والتي خرجت من معناها المعجمي الذي اشرت له في السطر الاول من القراءة النقدية.
استخدمت الروائية نجاح ابراهيم (العتبات النصية ) على وفق مراحل :
(فاتحة لبوابة الضجر.
قد يزهر البرق.
تلك الرجوة، ذلك المكان.
من تكون؟ إلهة عارية.
أجراس الرّجوم.
شموع الخضر.
ولد ذبيان.
تيشالم.
كم هم جميلون.
رواق الأسئلة المضلّلة.
رأيت ابتسامتها تخلق حيرةً في ريشتي.
وردة الجيرانيوم.
المقامر.
ما زلتُ أسوق نفسي إلى الموت.
آخر الخراب، آخر الجنون.
رسائل الجهات الأربع.
عنقاء.
موت الشعراء، موت الأنبياء.
جناح مكسور.
معراج النور.
مناديل كالحمام.
بطل الرواية عساف يستحضرُ مقطعاً من قصيدة الأرض الخراب ل "ت.س إليوت " يردّدها ببطءٍ، بصوتٍ خشنٍ ،مُشبع برائحةِ النّوم: " (( ماذا سأفعلُ الآن ، ماذا أفعلُ ؟ سأندفعُ خارجاً كما أنا ، أسيرُ في الشّارع ،مُسدل الشّعر هكذا )).."ص4
الروائية تستعرض خزينها الثقافي كونها قاصة وشاعرة، يشاهد عساف أيمار أثناء تواجدها في دمشق، وصل جسر الثورة شاهدها صرخ ايمار.. ايمار التفتت الى مصدر الصوت تكلم معها الى اين تذهبين قالت الى المغرب، أخبرها، بموت جواد منتحرا كانوا أصدقاء في الكلية تألمت للخبر وودعت صديقها عساف، واختفت بين البشر.
كانت تلتقي مع البروفيسور الذي كان يتحفها بالفيض المعرفي، كونها في كلية الآثار، ينصحها وتطيعه بكل شاردة وواردة، فهو صديق والدها الشيخ وصديق أخوتها، علاقة قديمة بأسرتها، يعودُ بها نحو التل الذي ينتشر فوقه العمال بمعاولهم وأدواتهم ، تحييهم بابتسامتها التي اعتادوا عليها ، تثير فيهم الحركة والاندفاع ، لطالما ألفوا قدومها ، ولطالما أغدقت عليهم بما تحمل .
"(( تعالي يا صغيرتي ، لك مفاجأة ، المكان زاخرٌ باللقى ، انظري))."ص32
كان من بين العاملين بالتنقيب شابٌ من بلدتها يُدعى محمد ولد ذبيان، يعمل مع البعثة أثناء العطلة الصّيفية، كعامل، ليستطيع تدبير شؤونه الدّراسية، وكان البروفيسور يُحبّه كثيراً، يُغدق عليه بكلّ شيء، ولولا دراسته الجامعيّة في دمشق، لما استغنى عنه، عندما عثر محمد على شيء أثناء التنقيب، أمر البروفيسور المشغلين مع البعثة بالانصراف، محمد يحمل بين يديه.
((مسح البروفيسور عليه، نفخ كثيراً ،ثم بالفرشاة الناعمة أزاح التراب ،وبعد برهة اتضحت معالمه ،كان مبخرة خزفية ،حرّكها، فخيّل للجميع أنّ
دخاناً رمادياً قد انبعث منها ،وأنّ تلك التميمة الملتصقة بها ،قد تماوجت في مكانها والتمعت بألوانها القزحيّة .
سألت إيمار باستغرابٍ :
" أمن المُمكن أن يبقى البخور كلّ هذه السنين ؟"
ابتسم البروفيسور وهو يُدير المبخرة بين كفيه ، محدّقاً إليها بإعجابٍ ، هازّاً رأسه :
" ربما. "))ص33
بعد ازاحة التراب العالق قرب نظارته وقرأ (( تقول العبارة هنا –وراح يشير بإصبعه إلى اللقيا – شابٌ وشابة ، بي يلتقيان ، وعنّي يفترقان ."))ص33
أنها رسالة قدر لذكر وأنثى يتواجدان عند اخراج هذه ( التميمة ) يخرج منها الدخان من داخل هذه المبخرة القديمة، أندهش محمد ولد ذبيان وجمد في مكانه، ومشاعره تغلي مستحيل ان تكون هذه الفتاة الجميلة من نصيبه، هكذا كان يفكر.
الفضاء في الرواية واسع، أوسع وأشمل من المكان، أنه مجموع الامكنة التي تقوم عليها الحركة الروائية المتمثلة في صيرورة الحكي سواء تلك التي تم تصويرها بشكل مباشر او تلك التي تدرك بالضرورة.
الناقد جيرار جنت أسماها ب( المنطقة الفضائية والمادية من النص المحيط والتي تكونت من المسؤولية المباشرة للناشر )*2
يتقدم محمد بن ذبيان مع والده وأعمامه للزواج من أيمار وسط اندهاش الشيخ روحاني وأخوتها وأبناء عمومتها.
((" جئنا يا شيخ نطلب يد ابنتكم ، بنت الأكارم إيمار ، لابننا .")) ص50
لم تتم الموافقة لكن إنمار دخلت وقالت أرغب الزواج من أبن ذبيان وتطلب الموافقة، بعد تهديد أخوتها وافق الشيخ على ذلك وطلب لها مهر.
" (( وأيّ مهرٍ يليقُ بها ؟"
أيقن ذبيان أنّ الطريق أمامه وأمام ابنه أكثر من شائكة ، طريق وعرة ، تجرّأ وسلكها ، ففي قرارة نفسه ،أيّ مهرٍ مهما كان، لن يكون مناسباً لفتاة يطمح إليها كلّ الناس ، فتاة ذات حسب ونسب، وجاهٍ ورجالٍ كثُر، يلتفون حولها ، ويقفون خلفها ، فتاة لها شكل منارة " بالس " تُضيء كلّ ما حولها ، عالية ، مرتفعة ، تكاد تصلُ القمر)) ص51
" إن كان حلماً ، لا أريدُ أن أصحو منه ، لا أريدُ ، أتوسلُ إلى كلّ مقدّس ."
يفتح عينيه ، ينظر إليها من جديد ، يستشعران معاً حبّاً نما توّاً في قلبيهما ، وتشجّر ، وأخذ يتفاوحُ في هذا الرّجم الكئيب ، يقترب البروفيسور ، يمسح على خدّيها بدهاءٍ ، ثمّ يقدّم المبخرة إليهما ، لتتنازل إيمار عن نصيبها منها ، لولد ذبيان ، الذي كاد يطيرُ فرحاً ، إذ كان هذا الأثر أشبه بشهادة ميلاد له ، أو صكّ وجودٍ وانبعاثٍ.
((" تميمة؟!"
بينما قال ابنُ عمٍّ لها بلهجةٍ ساخرة:
" الخرائب مليئة بهذه اللّقى التّافهة، وأيّ فردٍ في هذه الدّيرة قادرٌ أن يأتيكِ بها.")) ص53
انحنت تقبل يد ابيها، أمسك راسها بيد راجفة وقبل جبهتها ثم ربت على كتفها وقدم لها كيساً كبيراً مملوء بالنقود وجعل الخادم يحمله لها ثم اركبها فرسه وقال:
((" امضِ إلى بيت زوجك."
أمسك ولد ذبيان بلجام الفرس، ذي الخرزِ الملوّن، وقاد عروسه وسط جمهرة أطلقت الحَسَراتِ بدلَ الزّغاريد. كان عرساً بسيطاً، )) ص56
فترة قصيرة من زواجهما نظرة فوق الصندوق لم تجد التميمة، صرخت من الذي سرق التميمة،
(( بصعوبةٍ أخذ يلاحقُ إيمار ، وهي تبحثُ بجنونٍ وتخبّط عنها ، لم تلقِ أثراً لها )) .ص61
جمد ولد ذبيان وانطلق للبحث عن التميمة ولم يعد وايمار تجوب الاماكن في البحث عن التميمة.
(( أثناء انخراطه بين الجموع، ربّما ميّز وجه تامر يجلوه الحزن ، من بين أكوام الوجوه التي انبعثت أمامه؟!
وربّما رأى وجه رمّاح يغصّ بالخسارات؟!
وربّما شاهد وجه عنقاء الدّامع؟!
وما هي غير لحظات حتى تطايرت وجوههم في الهواء، مناديل تُشبه الحمام، لاحقها بنظراته، مدّ إليهم يده عالياً، أراد أن يستوقفهم، ليسأل عن وجهتهم، كانوا في حيرةٍ وتخبّطٍ واضحٍ، جنّ السؤال في حلقه، كتمه بعنف، ومضى خلف تميمته)). ص152
الرواية حوارية ذات مهارة عالية في النمط ومستوى تقنيتها، حظيت الرواية بالاسترجاع ( فلاش باك) للأحداث والشخصيات زادت في جمال المتن، الرواية ذات عتبات تناصية في طياتها الغرائبية والموروث الديني والعادات القديمة استطاعت الروائية نجاح ابراهيم اتمامها بنجاح الابداع والسرد الجميل المتراص
النهاية مفتوحة يشترك القارئ بحل شفراتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
*1ــ العتبة النصية / الدكتورة نادية بوشفرة / بحث مقدم لجامعة مستغانم كلية الآداب والفنون ص 1
*2ـــ (عتبات جيرار جنت من النص إلى المناص ) تقديم سعيد يقطين ، الدار العربية للعلوم بيروت ط1 /2008 ص 59
2025-09-05
14:46 PM
2025-09-05
14:41 PM
2025-09-05
14:29 PM
2025-09-02
15:36 PM
2025-08-28
12:44 PM
2023-05-21 | 17:12 PM
صور ثلاثية الأبعاد لحطام تيتانيك تحاول البحث في ظروف غرقها