الاربعاء 29 اكتوبر 2025
| العملة | سعر الشراء | سعر البيع |
|---|---|---|
| الدولار الامـريكي | 3.78 | 3.8 |
| الدينــار الأردنــــي | 5.35 | 5.37 |
| الـــيــــــــــــــــــــــــورو | 3.04 | 4.06 |
| الجـنيـه المـصــري | 0.1 | 0.12 |
أ.محمد جلال عيسى:
يشكل العنوان طاقة قادرة على الإيحاء بعدّة دلالات لا تثبت صحتها ما لم تقتحم أغوار النص, فالعنوان هو المولد الفعلي لتشابكات النّص وأبعاده الفكرية, ما دفع بأسامة الخالدي إلى أن يجعل عنوان نصه ( نثار الغربة), وهذا العنوان يثير عدداً من الأسئلة في ذهن القارئ ، منها ماذا يعني الكاتب بالغربة؟ هل المقصود بالغربة الغربة عن الوطن أم الغربة عن الأهل؟ هل الكاتب يقصد بالغربة الوحدة ؟ هل يرمز الكاتب بالغربة للغربة عن أرض فلسطين أم لمنطقة بعينها ؟ ماذا تمثل هذه الغربة لأصحابها؟ وما سبب هذه الغربة ؟ هل هناك علاقة بين الغربة الفلسطينية والغربة هنا ؟
وقبل الإجابة على جميع هذه التساؤلات لابد من الدخول إلى عالم النص وفك رموزه وتأويلها, للوصل إلى قدرة العنوان على أن يشكل إشارة لغرض الكتاب أو لما يحمله النص من معانٍ, بالإضافة إلى المعنى اللغوي لهذا العنوان ، ومن خلاله نستطيع أن نوضح ما أراده الكاتب من وراء وضع هذا العنوان, نثارة الشيء هو ما انتثر منه, كالحبوب والفتاة, والغربة كما في لسان العرب: النزوح عن الوطن والاغتراب ... والغرب والغربة: الحدة. ويقال لحد السيف: غرب.
فالإجابة ستكون واضحة ليس فيها غموض بأنّ عنوان النص يحمل في طيّه صورتين من الغربة، والمعاناة والوحدة، الصورة الأولى والتي تظهر من الوهلة الأولى عند البدء بقراءة النص هي غربة الأرض والوطن، باللجوء إلى قانون القوة والاستبداد وانعدام الرحمة, مما يجذب القارئ للاستمرار في قراءتها لكي يتأكد من حدسه بأنّ ما يقصده الكاتب بالغربة هو غربة الأرض فلسطين التي نهُبت وسُرقت من أصحابها والتي ما زالت حتى يومنا هذا تُنهب و تُسرق دون الالتفات حقّ أصحابها فيها، أما صورة الغربة الأخرى, فتظهر من خلال النص في شخص امرأة صابرة داقت من الألم والمحرقة حتى فرغ فؤادها، فجزاها الله على صبرها بأن رد لها طفلها, وبهذا يحقق الكاتب المعنى الأخر للغربة غربة الأهل وألم الوحدة, وقد تُترجم هذه الغربة بالمعادل الموضوعي لحق العودة إلى فلسطين، فالكاتب أبدع في وضع عنوان نصه حيث جاء مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمضمونه، ذلك المضمون الذي سيجد القارئ من خلاله جميع الإجابات على تساؤلاته التي دارت في ذهنه عند قراءة العنوان.
وتحدث النص عن فترة معينة ( زمن الهجرة) بين فيها الاستنزاف المؤلم لأحد ضحايا شعبنا في تلك الفترة, وقسوة العيش في ظل الإجرام الصهيوني, وبالطبع لعِبَ الخيال دورًا كبيرًا؛ لترى أم فارس النور في حياتها مرة أخرى, وعن أي حياة تحدث أسامة الخالدي؟ وكيف كتب كل هذا الوجع ؟! كيف طوع معجم البؤس والكآبة، معجم الشقاء والسوداوية؟ ليكتب نصه من رحم المعاناة بإصرار وإيمان بالأمل القادم، وكأنه يقول: ظلم الحياة وقسوتها خير دليل على وجود النور والأمل ليشكل معلمًا لذاك الصمود وتلك الإرادة التي لا تعرف الفتور لتصل إلى النور, وكأن الكاتب أسامة الخالدي يقول أن الحصار والمجازر والشتات الذي يتغشانا منذ عشرات السنين لن يفتك من عزيمتنا شيء, وسيبقى إيماننا بالأمل بنفس الوتيرة الموازية لهذه المعاناة.
ونجد الكاتب في سرده الموضوعي مطلعًا على كل شيء، حتى الأفكار السرية للشخصيات ولا يتدخل ليفسر الأحداث، وإنما يصفها كما يراها أو كما يستنبطها, ليترك الحرية للقارئ يفسر ما يقرؤه ويؤوله, فضلاً عن استخدام الكاتب للسرد القائم على تعدد الأحداث ذات الصلة الواحدة، بحيث يبقى كل حدث مفتوحًا قابلاً للتطوير.
وإلا أننا نجد القصص التقليدية يتوافر على هذه الشخصيات المسطحة, حيث إن ملامحها وصفاتها ثابتة تميل للمثل العليا وللفضائل, ما يجعها شخصية إنسانية بالدرجة الأولى تجسد تجربة فردية خاصة وتمارس نشاطها في بيئة بشرية معينة.
استطاع هذا النص الكشف عما يختلج في نفس كاتبه, وما يدور في أعماقه من مشاعر الألم والحزن, بالإضافة إلى بيان عقيدته المسلمة وإيمانه بالله الذي دفعه أن يجعل أم فارس تستودع الله طفلها، وكيف رده الله لها؛ ليعبر بذلك الألم وقسوة الحياة المصحوبة بالصمود عن وجود النور والأمل.
وباعتبار الغربة حالة تصحبها تغيرات كثيرة، فإنها تنعكس على ذات الإنسان، لتعيد تشكيله، وبالتالي، فإنها تصحبه بكل مشاعرها المختلطة. ومن هنا تحديدا ولارتباطها الوثيق بالإنسان، فقد سال حبر كثير حول الغربة وأحوالها، فالغربة ليست وضعا طارئا يختص به زماننا، بقدر ما هي حالة رافقت الإنسان طيلة وجوده، إذ تعكس وضعا اجتماعيا خطّه التاريخ في دفاتره، وحالة تتجدد بتقدم الزمن وتغير الأحوال، ووقوف الإنسان في موقع القلب هذه التغيرات. في هذا التقرير سنرصد الكتابات التي تناولت الغربة في صفحات التراث العربي، بين مادح وذامّ، في محاولة للتبصر حول زوايا النظر المختلفة تجاه الغربة وأحوال أهلها.
2025-10-26
13:26 PM
2025-10-24
13:30 PM
2025-10-20
15:04 PM
2025-10-17
14:06 PM
2025-10-16
14:42 PM
2023-05-21 | 17:12 PM
صور ثلاثية الأبعاد لحطام تيتانيك تحاول البحث في ظروف غرقها