الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

وزير الثقافة عاطف أبو سيف لـ"المنصة": جدلية المثقف والسلطة لا تنسحب على الواقع الفلسطيني

يافا فردوس فلسطين وأرض أجدادي .. وليس بإمكان أحد التنازل عن حقنا بالعودة إليها

ستكون ذكرى استشهاد الأديب غسان كنفاني موعداً لملتقى فلسطين للرواية العربية

وزير الثقافة الفلسطينية الدكتور /عاطف أبو سيف

وزير الثقافة الفلسطينية الدكتور /عاطف أبو سيف

  • 03:03 AM

  • 2019-05-13

رام الله - " ريال ميديا ":

* غزة معمل ثقافي مشتعل الآن .. وهي مساحة أساسية للإبداع علينا تدعيم الحلم فيها
* سنعمل على إعادة بيت الشعر الفلسطيني منارة ثقافية كما كان
* يجري العمل على إطلاق جائزة فلسطين التقديرية بنسختها الجديدة وتكريسها بشكل سنوي

اشتهر عاطف أبو سيف روائياً وكاتباً نقل صوت غزة إلى العالم، وبلغته الأُم ولغات أخرى، عبر أعمال أدبية تنوعت في أشكالها، وإن طغى عليها الطابع الروائي كما في "حصرم الجنة"، و"حياة معلقة"، و"الحاجة كريستينا"، ومؤخراً رواية "مشاة لا يعبرون الطريق"، علاوة على كتابه "الزنانة تأكل معي"، ويرصد يوميات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في العام 2014، وترجم إلى لغات عدة.

وأبو سيف، الذي بات وزيراً للثقافة في الحكومة الفلسطينية برئاسة د. محمد اشتية، كان حصل على جوائز أدبية عدة، علاوةً على أنه يكتب مقالات بانتظام في جريدة "الأيام" الفلسطينية، وفي أشهر الصحف العالمية كـ"الغارديان" و"نيويورك تايمز"، وغيرها.. معه كان لـ"منصة الاستقلال الثقافية"، الحوار التالي:

حاوره يوسف الشايب:
خاص بـ"منصة الاستقلال الثقافية":

* بدايةً.. هل لك أن تحدثنا عن خطة المائة اليوم التي أطلقتها الحكومة، وماذا حول هذه الخطة في وزارة الثقافة؟
- تقصد الحكومة من وراء خطة المائة يوم، العمل على تكثيف الجهد من أجل خدمة الناس وتقديم هذه الخدمات بأعلى جودة ممكنة.. الثقافة، وبجانب أنها سياج وحارس للهوية والحكاية الفلسطينية والإرث المعرفي، لا تخرج أيضاً عن هذا الإطار، وهذا أمر مهم، حيث يجب أن يشعر المواطن الفلسطيني بما يقدم له من خدمات في قطاع الثقافة.

من هنا، وفي إطار خطة المائة يوم للوزارة، التركيز على بعض القطاعات التي تمس المثقفين على وجه الخصوص، وعموم المواطنين، وفق فلسفة عمل تقوم على لامركزية النشاطات، بمعنى أن تقام نشاطات في جميع المحافظات، من أمسيات رمضانية ثقافية، إلى ندوات، إلى فعاليات فنية موسيقية وسينمائية، علاوة على اهتمام الوزارة بتبنّي المواهب الشابة والمبدعين الجدد في كافة مجالات الإبداع.

في هذا العام، تحتفي فلسطين بـ"القدس عاصمة للثقافة الإسلامية 2019"، حيث أنجزنا الربع الأول من النشاطات، وشملت القدس وأريحا ورام الله وبيرزيت ونابلس وغزة، إذ تم تنظيم عديد النشاطات لإبراز مكانة القدس، والدور المهم الذي تقوم به المدينة بإرثها لجهة تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية، ونحن الآن في طور إعداد الربع الثاني من الخطة لصالح تكثيف الفعل الثقافي.

كما أننا بصدد تنظيم ملتقى الرواية العربية في فلسطين، والذي يتم بمشاركة نخبة من الروائيين والمبدعين العرب والمترجمين الأجانب، ومبدعينا في فلسطين بكامل جغرافيتها.


القدس والفعل الثقافي
* عندما نتحدث عن العواصم الثقافية، فإننا بالعادة نتحدث عن استضافة فعاليات من الدول العربية أو الإسلامية في فلسطين، وليس فقط فعاليات لمؤسسات ثقافية محلية؟
- القصد من هذه الاحتفالية وما يرافقها من فعاليات، ليس التأكيد على القدس لنا فحسب، فهذا أمر لا نقاش فيه، ولكن التأكيد على حضور القدس في نفوس العرب والمسلمين، وهذا انعكس بشكل واضح في مشاركة فرق صوفية الطابع من تونس، والمغرب، والهند، وإيران، وغيرها من الدول، وذلك للتأكيد على أن هذه المدينة المقدسة هي عاصمة العرب والمسلمين جميعاً، لكن الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين هم أصحاب الحق في إدارتها.

هذه النشاطات لا تقتصر فقط على القدس، بل إن بعضها سيكون خارج مدينة القدس في فلسطين، وبعضها خارج فلسطين، كمعرض فني في دار السلام عاصمة سلطنة بروناي، وربما في العديد من العواصم العربية والإسلامية، خاصة أن القدس اعتمدت كعاصمة دائمة للثقافة العربية وعاصمة دائمة للثقافة الإسلامية.

الأهم في كل هذا، إبراز الجانب الوطني والنضالي للمدينة المقدسة، ونشحذ الهمم العربية والإسلامية في الدفاع عن هذه المدينة أمام حملة التهويد التي تقودها سلطات الاحتلال والمستوطنون والمشروع الكولونيالي الاستعماري.

القدس ويافا وحيفا كانت تشكل حواضر ثقافية عربية وإقليمية ما قبل النكبة .. كيف يمكن لفعاليات كهذه أن تساهم في إعادة الاعتبار إليها في هذا الجانب؟

الفكرة تهدف إلى التركيز على الجوانب المختلفة من مدينة القدس، جزء منها ما يتعلق بالحاضر، فالقدس لا تزال تقوم بدور كبير في صياغة هويتنا الوطنية، ولا يمكن تعريف الفلسطيني دون القدس، فثمة ارتباط أزلي ما بين القدس والفلسطيني، فالقدس المركّب الأول في مكونات الهوية الفلسطينية، وهذا الدور يرتبط بالفلسطيني المقيم في القدس، أو الذي زارها، أو من يحلم بزيارتها، أو حتى يتخيلها.

القدس كحاضنة ثقافية أمر لا خلاف عليه، فعلى مدار القرنين الماضيين لعبت دوراً مهماً على صعيد الثقافة العربية، فكبار المبدعين من أدباء وفنانين وإعلاميين كان يمرّون عبر القدس ويافا، كمكان لتعميد الكاتب والفنان والمثقف.

يقع علينا دور مزدوج للتعريف بهذا التاريخ، والتعريف بما يعانيه أهلنا في القدس الآن من محاولات الأسرلة، وآخرها كان ما حدث في جمعية برج اللقلق مؤخراً، وما يعانيه أهلنا في المدينة المقدسة من إجراءات عنصرية تعسفية، ومن قيود تتصاعد بحقهم من سلطات الاحتلال بكافة أذرعها.

* هل تتواجدون كوزارة في القدس، مع أننا نعلم قيود الاحتلال في هذا الجانب؟
- نحن لا ننصاع لأوامر الاحتلال، وهو ليس صاحب "فيتو" على نشاطات القيادة والسلطة الفلسطينية، رغم كل ما يفعله من انتهاكات يومية على الأرض في عاصمتنا.. نحن متواجدون في القدس، فهي جزء منّا ونحن جزء منها، وبالتالي نشاطات الوزارة حول القدس ليست خارجها، بل داخلها، فهناك مؤسسات مجتمع مدني، ومنها المؤسسات الثقافية، وهناك الجمعيات والهيئات الإسلامية والمسيحية والمختلفة، وهناك المثقفون المقدسيون، وأهلنا في المدينة المقدسة.. الأهم بالنسبة لنا ليس أن نضع لافتة عليها شعار وزارة الثقافة، بل أن تبقى القدس حيّة وتنبض بفعلها الثقافي كما تنبض هي في قلوبنا.

ملتقى فلسطين للرواية العربية
* قلت بأنكم بصدد تنظيم ملتقى فلسطين للرواية العربية في النسخة الثانية منه هذا العام.. هل لك أن تحدثنا عن هذه الفعالية بشيء من التفصيل؟
- هذا تقليد عربي معمول به في أكثر من دولة، ويهتم بالتركيز على واقع الرواية العربية، كما في حال القاهرة وبيروت وحديثاً تونس وغيرها.. هذه ليست بدعة فلسطينية، لكن الملتقى في فلسطين له خصوصيته، فمن بين أبرز أهداف الملتقى العمل على استقطاب كتاب عرب وبعض المترجمين الأجانب ليروا الواقع في فلسطين ويعايشوه، إضافة إلى مناقشة واقع الرواية الفلسطينية والعربية، والتأكيد على أن فلسطين قادرة على تنظيم فعاليات لها حضورها على المستوى العربي، وكذلك زيادة التضامن مع الشعب الفلسطيني عبر الرواية، ومن خلال ملامسة المبدعين العرب والأجانب على الواقع الفلسطيني وسياسات الاحتلال العنصرية، وهذا ما قد يترجم على شكل إبداعات، وينعكس في نصوصهم.

صحيحٌ أننا بلد محتل، ومحاصر من جميع الجهات، ونُقاتل من أجل مواقفنا التي تنتصر للشهداء والأسرى، وثباتنا على مواقفنا الوطنية، بل ونُحارب في لقمة عيشنا، لكننا بلد أنجب محمود درويش، وتوفيق زياد، وجبرا إبراهيم جبرا، وإسماعيل شوط، وناجي العلي، وغيرهم الكثير من القامات الإبداعية والوطنية، ومن هنا نحن ننظم هذا الملتقى للتأكيد على الحضور الفلسطيني في الميدان الثقافي، وأن الفلسطينيين، إلى جانب ما يحققونه من إنجازات أدبية على المستويين العربي والعالمي، قادرون على تنظيم فعالية عربية في أرض فلسطين، وفقاً لمقولة "زيارة السجين لا تعني تطبيعاً من السجّان".

سيتم إطلاق فعاليات الملتقى في الثامن من تموز (يوليو)، وهو اليوم الذي يصادف ذكرى استشهاد الأديب الكبير غسان كنفاني، وذلك لما يمثله غسان كنفاني من قامة إبداعية كبيرة، ولما يمثله استشهاده من حضور دائم في الذاكرة والحاضر والمستقبل، ولما تمثله رواياته من مداميك في سيرورة الإبداع والمعرفة الفلسطينية، كما أن الرواية الفلسطينية وجدت هيأتها المعاصرة في مطالعها عبر روايات غسان كنفاني، كما أنه يجري الترتيب لاعتماد الثامن من تموز يوماً لملتقى الرواية العربية في فلسطين، وربما يتم اعتماده يوماً للرواية الفلسطينية.

نحن نعتقد أن الأدب جزء من نضالات الشعوب، والثقافة من أهم أدوات المقاومة، والمعرفة هي طوق النار الذي يحمينا من غزو الآخرين، وعليه رأينا أن تكون فعاليات الملتقى في أكثر من محافظة، لأننا نريد أن يلتحم ضيوف الملتقى من عرب وأجانب مع الجمهور الفلسطيني، وهذا جزء من فلسفة عمل الوزارة فيما يتعلق بلامركزية عمل الوزارة، وهي فلسفة الحكومة برئاسة الدكتور محمد اشتية، وتقوم على مبدأ أن على الثقافة الوصول إلى كل مكان في فلسطين.. علينا في كل خربة وقرية وبلدة ومدينة أن نصل إلى الموهوبين الفلسطينيين، ودعم مواهبهم، ومن هنا يجري العمل بشكل حثيث على إطلاق قصور الثقافة في المحافظات المختلفة، وإحياء المراكز الثقافية في المخيمات والقرى والمناطق النائية.


غزة
* أنت من مواليد مخيم جباليا للاجئين في قطاع غزة، وبعض النقاد العالميين وصفوك بصوت غزة الروائي، وكتبت بالعربية والإنكليزية في رواياتك ومقالات وقصصك ..تحضر غزة في كتاباتك كمبدع، لكنك كوزير لثقافة الشعب الفلسطيني، كيف ستحضر غزة المحاصرة في الفعل الثقافي الفلسطيني، وعبر الوزارة؟
- فلسفتنا في وزارة الثقافة تقوم على أن الثقافة مُوحِدة ولا تكبلها الجغرافيا، ورؤية الحكومة تقوم على فكرة اللاتمييز بين المحفظات الشمالية والجنوبية في تقديم الخدمات، وما ينطبق على مختلف الوزارات ينطبق على وزارة الثقافة، عبر دعم المؤسسات الثقافية والمبادرات الفردية في قطاع غزة من خلال الصندوق الثقافي الفلسطيني، ومنح الوزارة المختلفة، ولها الأولوية في ذلك، وإشراك غزة ومبدعيها في كافة نشاطات الوزارات، كما حدث في فعاليات الربع الأول من احتفالية القدس عاصمة للثقافة الإسلامية، وبما في ذلك دعوة مبدعين من القطاع للمشاركة في ملتقى فلسطين للرواية العربية، والأمر ذاته سينسحب على معرض فلسطين الدولي للكتاب، العام المفبل.

ما نقوله أن علينا، خاصة مع تعرض غزة لمآسٍ وحصار وعدوان إسرائيلي مستمر، ومن تسلط، مواصلة تقديم الخدمات الثقافية للمبدعين في قطاع غزة، كما نواصل تقديم هذه الخدمات للمبدعين في الضفة، وكافة أماكن تواجد المبدعين الفلسطينيين، بغض النظر عن الجغرافيا.. هذه رؤية الرئيس محمود عباس التي نقلها إلى الحكومة، وهذه هي فلسفة الحكومة برئاسة الدكتور محد اشتية.

* ما دمنا نتحدث عن غزة، نسبت إليك تصريحات اعتبرها البعض مسيئة إلى غزة، بوصفها "المكان الأسوأ والأوسخ في العالم"؟
- هذه التصريحات اقتُطعت من سياقها، وورد في النص الأصلي للحوار مع الصحيفة الألمانية قبل ترجمته بعض العبارات الخاطئة .. لا أحد يشتم نفسه.. أنا واحد من أكثر الناس دفاعاً عن غزة، وهذا ليس واجباً فحسب، بل هو تعبير تلقائي رافق كل ما كتبته وأكتبه، وهو نابع من دواخلي، ومن يراجع رواياتي ومقالاتي في "الغارديان" و"نيويورك تايمز" يكتشف ذلك بسهولة.

قامت جهات غير مسؤولة باجتثاث بعض العبارات، وإخراج أخرى من سياقاتها، كي تبدو كأنني أتهجم على غزة .. لا يمكن أن أتهجم على تاريخي، وعلى نفسي، وعلى أولادي، ودم أخي الشهيد .. غزة التي قدّر لنا أن نعيش فيها منذ هُجّرنا قسراً من يافا، إلى أن نعود إلى يافا، وغزة التي تحملت الكثير في تاريخها ولا تزال في مواجهة الاحتلال، وأنجبت ياسر عرفات، وخليل الوزير، وفتحي الشقاقي، وأبو يوسف النجار، وكمال عدوان، و"جيفارا غزة" محمد الأسمر وقادة العمل الوطني، مكان عظيم، ومكان للإبداع.

غزة معمل ثقافي مشتعل الآن، فهناك شبّان يدفعون من جيبوهم لأجل تنظيم نشاط أدبي، وشابات جامعيات يختصرن من مصروفهم المتواضع لأجل شراء كتاب.. في غزة شعراء يحلمون بالحصول على جائزة نوبل في الأدب، وهذا حقهم، وفيها فنانون مهمّون .. في غزة ثمة حلم كبير بأن الحياة أكبر من كل الصعوبات، ومهمتنا أن نساعدهم على تحقيق هذا الحلم.. وعليه ما نسب إليّ من بعض الجهات التي تصف نفسها بالإعلامية محض افتراء وتزوير.


عن يافا
* يافا تسكن كل أعمالك الإبداعية، وهي تشغلك باستمرار، وكنت تتحدث عن العودة إليها، كيف يتساوق ذلك مع ما نسب إليك في الحوار ذاته مع الصحيفة الألمانية عن إمكانية تنازلك عنها؟
- من مفارقات القدر أن يتم تداول تصريحات على لساني لها علاقة بيافا، وكأنني أريد أن أتنازل عنها .. أولاً لا يملك أحد الحق في التنازل عن يافا، لأنها ليست ملكاً لي أو لك أو لأيّ كان.. هذا ليست حق فردي، بل هو حق الأحياء والأموات ومن لم يولدوا بعد من أبناء الشعب الفلسطيني.

التصريحات أُخرجت عن سياقها، واستخدمت حتى بالألمانية بطريقة خاطئة، علماً أن الحوار تم بالإنكليزية .. أستغرب ذلك فعلاً، ويؤلمني هذا الافتراء، فأنا أسعى إلى استرجاع يافا عبر الكتابة وعبر الحلم القادم، وجل رواياتي تقع بين الماضي والمستقبل، لقناعتي بأن الحاضر هو فسحة ما بينهما، فكل شخصيات رواياتي معجونة كما أنا بماضيها اليافاوي، أو أنها تعيش على حلم العودة إلى يافا، فنحن الشعب الوحيد الذي يحلم بالعودة إلى الوراء، لأن في هذا الوراء تقع جنتنا وفردوسنا: يافا، وحيفا، وعكا، وصفد، وغيرها.

ما نسب إليّ من تصريحات حول يافا مدعاة للسخرية، كما هي مدعاة للشفقة على بعض المواقع الإعلامية وبعض الصحافيين والكتاب ممّن انجروا وراء هذا التلفيق.

هذا الأمر مسيء جداً، فعائلتي، كما قلت في الحوار، تسكن في يافا منذ آلاف السنين، ولا تزال هي العائلة العربية الأكبر هناك .. الأمر يتعلق بارتباط مادي وروحاني، وبالنسبة لي هذا الموضوع خارج النقاش حتى على المستوى السياسي، ليس فقط لأن يافا مدينتي، ومهد حلمي، ومحج نظري، وليس لأن اسم ابنتي يافا أيضاً، وليس لأن جدتي ماتت وهي تبكيها، بل لأن يافا هي فردوس فلسطين .. لا أحد يملك التنازل عن هذا الحلم، ولا يمكنني تصوّر ذلك، خاصة أن مهمتي الأساسية في كتاباتي الأدبية هي أن تعبر حكايات يافا عبر الزمن حتى نعود إليها .. أكرر بأن لا أحد بإمكانه التنازل عن هذا الحق.


القضاء
* هل ستتوجه إلى النيابة أو القضاء ضد من قلت إنهم مارسوا التزوير والإساءة بحقك من مؤسسات إعلامية وأفراد؟
- من حقي أن أتوجه إلى القضاء، ويوجد لديّ ما يمكن أن أدين به بعض هذه الجهات غير المسؤولة، لأن ما تم تحريف مقصود بهدف الإساءة، لكن شعارنا في الحكومة هو التحامل على أنفسنا طالما لم تكن الإساءة تضر بالمصلحة الوطنية .. إذا كان من أسيء له هو عاطف أبو سيف بشخصه، فأنا لن أتوجه إلى القضاء، رغم قناعتي بأن من قام بذلك إعلام غير مسؤول، وأن هذه الأعمال تندرج في إطار التصرفات غير المهنية، لكن هناك قضايا أكثر أهمية من هذه التفاصيل.


هواجس ثقافية
* من بعض القضايا التي يجري تداولها بين المثقفين، جائزة فلسطين التقديرية، التي تمت إعادة الاعتبار إليها بقرار رئاسي منذ العام 2015، ولم تكن منتظمة في الفترة الماضية؟
- ما نسعى إليه هو العمل على تكريس حضور هذه الجائزة سنوياً، وأن تكون تقديرية بما تحمله الكلمة من معان، بمعنى أن تقوم الدولة بتقدير بعض رموز المعرفة على المستوى الإبداعي الثقافي بكافة أشكاله، فهي رسالة شكر لهذا المبدع على ما قدمه لصالح الثقافة الفلسطينية خاصة، وفلسطين عامة .. هذا الأمر في طور النقاش، ونأمل أن نتمكن هذا العام من إطلاق نسختها الجديدة.


* وماذا عن "بيت الشعر الفلسطيني"؟
- بيت الشعر قام بدور كبير منذ تأسيسه، وكان لمجلتي الشعراء وأقواس حضورهما العربي المهم، حيث شكلتا رافعة أدبية مهمة .. كان بيت الشعر منارة ثقافية كبرى عندما تأسس بمبادرة من الشاعر والأديب والمفكر الراحل حسين البرغوثي، والشاعر الكبير المتوكل طه، والشاعر المتميز غسان زقطان، ومن تبعوهم في المراكمة على ما قدمه المؤسسون.

من الواضح أن هناك انتكاسة في عمل بيت الشعر الفلسطيني، ونحن في طور وضع تصور شامل حول مستقبله، وتم التشاور في ذلك مع عدد من المسؤولين في الوزارة، بحيث يجري العمل من جديد على تشكيل هيئة مستقلة ومرتبطة بالوزارة، لعلنا نتمكن أن نعيده إلى ما كان عليه كواحد من أهم بيوت الشعر في الوطن العربي .. لا أريد الحديث عن الماضي، والمؤكد أن بيت الشعر الآن ليس ما كان عليه في السابق، ومهمتنا، ودون أحلام كبيرة ووردية، العمل على إعادة الاعتبار لريادة هذا الصرح الثقافي الحيوي في فلسطين، وإذا نجحنا في ذلك، فسنعمل بعدها على تطويره أكثر وأكثر.


المثقف والسلطة
* أخيراً .. هل يستقيم أن يكون المثقف وزيراً، خاصة أن ثمة حالة تصادمية، إن جاز التعبير، بين المثقف والسلطة؟
- أعتقد أن هناك افتراضاً خاطئاً بأن ثمة تناقضاً واضحاً بين المثقف والعمل في الموقع العام، لكن هذا لا ينسحب على الحالة الفلسطينية، لأن العمل في الموقع العام في فلسطين هو جزء من العملية النضالية، فأنت في فلسطين لست وزيراً بالمعنى الذي يمكن أن يكون عليه الوزير في مكان آخر، فأنا على سبيل المثال لا أملك تصريحاً لزيارة أسرتي في غزة، والعكس صحيح أيضاً، ولا أستطيع السفر وقتما أشاء، وقد اعتقل على حاجز عسكري بذريعة أنني لا أحمل تصريح مكوث في الضفة الغربية .. العمل الوزاري في فلسطين ليس "عملاً سلطوياً"، بل هو مهمة، وهذا تكليف وليس تشريفاً، وربما كنت محظوظاً باختياري وزيراً للثقافة لأنني منشغل بالهم الثقافي.

هذا التعارض الافتراضي ما بين المثقف والسلطة لا يتناسب والسياق الفلسطيني، وهنا أستغرب من البعض استهجانه بأن يكون وزير الثقافة من أبناء حركة فتح، وكأن الثقافة حكر على "التكنوقراط" أو على فصائل ذات توجه معين.. أفتخر أنني ابن حركة فتح، وليس ذنبي أنني سجنت بسبب ذلك، وأصبت ثلاث مرات في الانتفاضة الأولى، وشقيقي ابن "فتح" استشهد أيضاً، وهذا لا يقارن بتضحيات الكثير من أبناء شعبي ممن ينتمون لحركة فتح وكافة فصائل العمل الوطني.. أن تكون جزءاً من ماكينة العمل النضالي والوطني هو الأساس، وبالتالي سياق العلاقة ما بين المثقف والسلطة في فلسطين تختلف عن غيرها من السياقات، فنحن لسنا في حالة طبيعة، ونحن تحت الاحتلال، أن نتعاطى وفق هذه الجدلية، فالمثقف والمسؤول يجب أن يعملوا من أجل التحرر.

عليّ هنا التأكيد أنني كوزير للثقافة، وزير لكل الشعب الفلسطيني من كراكاس إلى سيدني، وحيثما تواجد المثقف الفلسطيني.

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات