أطفال غزة محرومون من السعادة لكنهم يبيعونها على ارصفة الحزن
تاريخ النشر : 2015-03-03 02:51

راما الجملة - " ريال ميديا "

محرومون من السعادة لكنهم يبيعونها! اطفال من غزة في عمر الزهور تركوا اللعب مع اصدقائهم, وغادروا حياة الطفولة ليبيعوا فرح الصبا لأطفال آخرين, فظروف الحياة وشظف العيش فرض عليهم قسريا هذا الواقع الاليم.
حروب متكررة, وحصار لم ينته منذ تسعة اعوام, تغلغل الفقر في مسامات الكثير من الاسر الغزية, فظهرت عمالة الاطفال في كل القرى والمخيمات والمدن في قطاع غزة, واصبح معظم الآباء عاطلين عن العمل, لتظهر الايادي الناعمة الممدودة في الشوارع لبيع الحاجيات على مفترقات الطرق وابواب المساجد وفي الاماكن العامة.
الوان مبعثرة لبالونات المرح بين ثنايا يديه الناعمة, ربما هي ألوان وجع الحياة التي باع عدي الباز الطفولة لاجلها, لم استطع حبس دموعي وانا انظر الى عدي الذي لم يتجاوز 14 عاما من عمره, سالته عن سبب بيعه هذه البالونات, قال : "ابيع تلك البالونات لاعتاش منها انا وعائلتي بعدما فقدنا ابي في الحرب على غزة عام 2012, فعائلتي امانة قد تركها والدي لي ولا اريد ان اخذله, وهو في قبره".
الطفل احمد ابو سكران" 13 عاما " يبيع العلكة على ارصفة الطرق, قال والحزن يكسو وجهه البريء: "منذ شهور قليلة كنت اعيش داخل عائلة متوسطة واذهب للمدرسة كما الاطفال العاديين اساعد الفقراء, ولم اكن اتصور انه ذات يوم سانتظر مساعدة الناس لي لاستطيع ان اعيش انا واخي الصغير بعدما جاءت الحرب واختطفت عائلتي, ولم يبق سوانا, لن اترك اخي خالد يعمل في الطرق كما انا, سأكدح من اجله ليكمل دراسته".
اما الطفل علام " 14عاماً " الذي يبيع الجلي في ميناء غزة قال بصوت يرتجف تعبا وحزنا "ابيع تلك الحلوى لأساعد والدي الكفيف ولو بشيء بسيط فقط لنؤمن قوت اليوم, انا سعيد لاننى آكل من تعبي, ولكنني حزين اكثر لأن احلامي تحطمت بسبب ظروف قسرية".
اما الطفل شادي " 10 اعوام" الذي خذلته الحياة, عندما فقد اباه وامه منذ صغره ويعيش في منزل عمه حيث يتلقى معاملة قاسية من عمه وزوجته وابناء عمه, فلم يكن امامه حل سوى ان يلجأ للعمل والاعتماد على نفسه، حتى يوفر قوت يومه ومستلزماته, يقول شادي: " اهرب من المدرسة غالبا لأبيع غزل البنات للاطفال, واكون سعيدا عندما ارى السعادة التي حُرمت منها ترتسم وجوههم".
اما الطفل محمود عوض " 8 اعوام" الذي يبيع عنبر التفاح في ميناء غزة ويعيش مع عائلته الفقيرة داخل بيت لا يصلح للعيش الآدمي من اثر الحرب الاخيرة, فلم يختلف الامر كثيرا عنده, حيث يتمنى لو اكمل دراسته كباقي اقرانه ليصبح طيارا ويجعل احلامه تعانق السماء, ويريح اباه من شقاء الحياة, اما الآن فكل ما يتمنى هو ان يعيش في منزل ادمي يحميه وعائلته من البرد والمطر.
يقول الخبير النفسي محمد ابو محيسن: "الفقر والعوز والحاجة اهم العوامل التي تؤدي الى انتشار عمالة الاطفال", وأوضح ان عمالة الاطفال تعتبر معمل تفريخ يخرج اجيالًا واقعة في مستنقع الجهل، لا تستطيع النهوض بأمتها ولا المساهمة في تطورها, لا في ميدان الاقتصاد ولا في غيره من الميادين, ما يجعل المجتمع بأسره يقع بين فكي الفقر والجهل, مضيفا: "لا يخفى على أحد ان الازمات الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد تدفع بالاطفال الى العمل من اجل الحفاظ على كيان الاسرة واشباع الحاجات الاساسية لأسرهم الامر الذي قد يجر المجتمع مستقبلا نحو هذه الهاوية". 
في السياق ذاته يقول سالم احمد خبير اجتماعي: "لا بد من النظر بعين الاهتمام الى ان عمالة الاطفال ليست بسبب اقتصادي فقط, وانما لوجود قضايا ثانوية اخرى منها الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها الطفل، ففي بعض المجتمعات النامية يقولون دائما ان الاطفال الفقراء لهم الحق ان يعملوا لانهم فقراء, علما انه لا يوجد احد يعترف بحق هؤلاء الاطفال ولا بالاجر المناسب للطاقة التي يبذلونها"