يافا تعدّ قهوة الصّباح في الزمن الجميل
تاريخ النشر : 2015-02-24 01:38

رام الله – " ريال ميديا":

رواية يافا تعد قهوة الصباح للكاتب أنور حامد تقع في 207 صفحات من الحجم المتوسط والتي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر.العنوان: أكثر ما لفت انتباهي هو العنوان حيث شخص الكاتب المكان،وجعله حيا يقدم قهوة الصباح،والمكان عزيز علينا إنه يافا تلك الأرض المحتلة التي حرمنا من زيارتها،فكأن الكاتب أعاد لها الحياة بعد الحزن الذي أحل بها. اشتملت الرواية على عدة عناوين فرعية،وعنوان رئيس يبعث فينا الأمل من جديد،ويوقظ ذاكرتنا بعد سبات عميق،الرواية نقلت لنا صورة حية تعج بالحركة حين وصفت الحياة بأدق تفاصيلها هناك،وقد شكلت ملامح الحياة عناصر مهمة في بناء الرواية،وأعطتنا انطباعا عن حياة الفلسطينيين في تلك الحقبة(قبل النكبة)،وعن عاداتهم وتقاليدهم سواء في الأعراس أو الأعياد أو مواسم الحج،الرواية سجل لأحداث واقعية،وسجل للتراث الأدبي الفلسطيني أيضا من خلال عرضها للأغاني والأهازيج الشعبية التي كانت تغنى في تلك الآونة وما زالت إلى يومنا هذا،من يقرأ الرواية يشعر بأنه يحضر فلما وثائقيا عن يافا،فقد اصطحبنا الكاتب في رحلة إلى يافا بشوارعها وبيوتها ومينائها وقراها ذاكرا لنا أماكن كانت موجودة هناك منها(سينما الحمرا،وسوق المنشية،وسوق البلابسة،وسوق اسكندر عوض،ومسجد حسن بيك) والكاتب من خلال ذكر هذه الأماكن يؤكد على وجودنا،ويثبت هوية الانسان الفلسطيني الذي اقتلع من جذوره،وحرم من يافا وخيراتها بعد أن كان ينعم بالأمن والأمان.الرواية في مجملها تحدثت عن عائلتين مختلفتين تماما،عائلة أبو سليم الاقطاعي الغني،وأبو ابراهيم الناطور الفقير.تحدثت عن الطبقية وعن طبيعة العلاقة ما بين السيد والخادم،واليهودي والعربي.الرواية نقلت لنا صورة واضحة عن المرأة الفلسطينية،فقد كانت مضطهدة،تعاني من ظلم كبير سواء أكانت زوجة للبيك أو الناطور،الرواية أعطتنا صورة عن الرجل الشرقي الذي يحق له ما لا يحق لغيره فهو يسافر ويتعلم،ويقيم علاقات مع النساء على مرأى أعين الزوجة دون الاكتراث بمشاعرها في حين أنه يعاملها كخادمة حبيسة للمنزل فقط.وأكثر ما تمثلت هذه الصورة في أبي سليم هذا الرجل المتناقض الدكتاتور الذي يذهب إلى الملاهي الليلية ويصلي في المسجد،يصاحب اليهود والانجليز ويحمي الوطن،ومن الأمور التي تشد القارىء في الرواية وقوع فؤاد ابن البيك في شباك الغرام حين أحب بهية ابنة الخادم،محطما كل حواجز العرف السائد في بيئته،متحديا والده،رغم أنه لم يتزوج منها،اعتمد الكاتب في سرده الروائي على تشابك الحكايات والقصص بلغة انسيابية لا ينقصها عنصر التشويق،وسيطر على شخوص روايته تاركا لهم حرية الحركة،فقدم لنا عرضا جميلا متماسكا.