البيرة.. "النفايات" تحاصر مسلخ البلدية
تاريخ النشر : 2015-02-16 00:32

رام الله -  " ريال ميديا":

على أطراف البيرة وعلى بعد نصف كيلو متر تقريبا من منازل المدينة تتجمع النفايات التي يجري جمعها من أحياء المدينة تمهيدا لترحيلها إلى مكب زهرة الفنجان في مدينة جنين، بعد أن أغلق الاحتلال مكب النفايات الخاص بالمدينة الذي كان يقع في جبل الطويل، وتبعد محطة الترحيل قرابة 40 مترا عن حدود مسلخ البلدية الذي انشئ بغرض تنظيم عمليات ذبح المواشي في المدينة بإشراف طبي.
مواطنون من القاطنين بالقرب من محطة ترحيل النفايات والمسلخ توجهوا بشكاوى إلى "حياة وسوق" تتضمن انتشار البعوض والقوارض والحشرات، وآخرون قالوا: إن النفايات قد تختلط باللحوم، عبر تسرب عصارة النفايات إلى داخل المسلخ الواقع أسفل محطة ترحيل النفايات.
"حياة وسوق" توجه إلى المسلخ ومحطة تجميع النفايات واستمع إلى شرح من المسؤولين هناك الذين أجمعوا على عدم تسرب أي من عصارة النفايات إلى داخل المسلخ مشيرين إلى أن النفايات يجري ترحيلها أولا بأول إلى مكب زهرة الفنجان في جنين، وأن عصارتها لا تتسرب إلى المسلخ على الإطلاق.

المكب يقع داخل ساحة المسلخ
ويشتكي المواطن خالد قرعان من أن المكب يقع داخل ساحة المسلخ، ويوضع داخله حاويات كبيرة للنفايات.
ويتابع: "ربما تختلط هذه النفايات (سواء أكانت مواد سائلة أو روائح أو جراثيم) باللحوم، ما ينتج عنه انتشار روائح كريهة باتت لا تُحتمل، وهو ما يزعجنا نحن السكان، لذا قدّمنا عشرات الشكاوى للجهات المعنية مثل وزارة الصحة، والبلدية، والمحافظة، إلا أن كل محاولاتنا باءت بالفشل ولم نلق أي تجاوب من هذه الجهات".
ولا تقف المشكلة عند التصاق المسلخ بالمكّب، بل ما يزيد الطين بلّة هو مضيّ ساعات طوال قبل أن تنقل النفايات من ساحة المسلخ. يشير المواطن قرعان: "الى ان هذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تفاقم الأوضاع، فكل ما تأخروا في نقل النفايات ازداد انتشار الروائح الكريهة والبعوض والحشرات، وبالتالي يتضاعف الضرر على السكان المحيطين، مع العلم أن الحي يتألف من 20 بيتا يقطنها 40 عائلة".

"لا تجاوب لشكاوى المواطنين"
الشكاوى التي قدمها قرعان وجيرانه أصبحت شبه يومية، في محاولة للوصول لأي مسؤول أو موظف صغير في البلدية لشرح مشكلتهم ومحاولة إيجاد حل لها، إلا انه وحسب تعبيره لم يلقوا أي تجاوب.
حاول أهالي الحيّ التصعيد في احتجاجهم، حيث يقول المواطن حمد الله عابد، إنهم حاولوا التخلّص من الرائحة من خلال احراق مكبات النفايات في إحدى المرات، إلا أن الأمر لم يجد نفعاً، لذا توجهوا للبلدية والمحافظة اللتين لم تستجيبا".

وعود بايجاد البديل
ويوضح عابد أنهم "لم يحصلوا على الحلول، لكن الجهات المعنية لم تبخل عليهم بالوعود، فطمأنوا سكّان المنطقة أنهم على وشك إيجاد قطعة أرض ستكون بديلة عن المكّب القديم، إلا أن تنفيذ المشروع على الواقع مرتبط، حسب قولهم، باستقرار الأوضاع السياسية".
وأضاف: "النفايات موضوعة إلى جانب المسلخ، وهذا مؤذ بالنسبة للسكّان وللمسلخ، ورغم الشكاوى التي قدّمناها للمحافظة ووزارة البيئة والجهات المختصة، إلا أننا لم نحصل شيئا لأن ملكية الأرض تابعة للبلدية، التي تؤجرها للمسلخ وتحولها لمحطة لترحيل النفايات".
نفي لاختلاط النفايات باللحوم
في المقابل يؤكد أشرف مرار صاحب الشركة المسؤولة عن إدارة المسلخ وإدارة محطة ترحيل النفايات، إنه لا يوجد على الإطلاق أي اختلاط بين اللحوم والنفايات وأن محطة ترحيل النفايات مفصولة بالكامل عن المسلخ، وما يقوم عدد من المواطنين بترويجه يأتي نتيجة لخلافات مع البلدية لا علاقة للمسلخ ومحطة النفايات بها.
وقال مرار لـ"حياة وسوق": إن الاحتلال هو من أجبرنا على وضع محطة ترحيل النفايات بجانب المسلخ بعد إغلاق مكب جبل الطويل وهذا قرار سياسي بامتياز، نحن فقط شركة تقوم بترحيل النفايات بعد تجميعها، ولا تتجمع كميات كبيرة من النفايات بجانب المسلخ كما يحاول البعض الادعاء، مشيرا إلى وجود فصل تام بين المسلخ ومحطة ترحيل النفايات، كما يوجد سور اسمنتي وأسلاك شائكة تفصل بين محطة ترحيل النفايات والمسلخ.

ضراغمة: لا توجد مخالفات صحية بالمسلخ 
وفي السياق ذاته، يقول مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية البيرة الدكتور إياد دراغمة، أنه "رغم وجود محطة ترحيل النفايات المخالفة للمعايير قرب المسلخ، لا يمكن مخالفة معايير الصحة على الإطلاق في المسلخ"، مؤكدا انه "لا يقبل أن يكون هناك أي مشاكل صحية في المسلخ، أو وجود أي تلوث في اللحوم، نافيا اختلاط اللحوم بالنفايات، مؤكدا أنه يتواجد بشكل دائم في المسلخ وهو الطبيب المشرف عليه كما يقوم بمراقبة المسلخ بكاميرات مراقبة تسجل كل حركة تحصل داخلة ولا يمكن التهاون في أي مخالفة.
ويوضح ان "النفايات موجودة خلف المسلخ ومفصولة تماما عنه، وأن قطعة العارض تبلغ 18 دونما، مستغلا منها حوالي 2 دونم للمسلخ، و16 دونما فارغة تستغل من أجل محطة ترحيل النفايات".
ويضيف دراغمة: "لا أقبل أن يكون عندي أي تلوث في اللحمة التي يتناولها المواطنون، ولم تردنا أي شكوى حول هذا الموضوع".
ويتابع دراغمة: "عالجنا الموضوع من خلال حرصنا على عدم مبيت النفايات بالموقع، وخروجها وترحيلها لمكب النفايات في جنين بنفس اليوم، وحاولنا أخد أبعد نقطة ممكن استغلالها في منطقة "ج"، لتكون محطة ترحيل مؤقتة للنفايات".
تدرس الجهات المعنية توفير محطة ترحيل في جفنا في أقرب وقت ممكن، إلا أن تنفيذ المشروع قد يستغرق عاما"، يقول دراغمة، الذي يؤكد أن "مكان مكب البيرة هو قانوني، إلا أن سلطات الاحتلال أغلقته، ما اضطر الجهات الرسمية الفلسطينية لإيجاد بديل يكمن في إقامة محطة ترحيل مؤقتة إلى حين إنشاء المكب الرسمي"، موضحا أن قطعة الأرض المقام عليها المسلخ ومحطة مكب النفايات تابعة للبلدية، وبالتالي فهي أملاك عامة ليست لأشخاص.

الطويل: محطة ترحيل جديدة ستكون جاهزة قبل حلول الصيف
ويؤكد مدير بلدية البيرة زياد الطويل، بُعد محطة ترحيل نفايات البيرة عن أماكن سكن المواطنين، قائلا: "إن المحطة قريبة من مداخل البلد، ولا تسبب أي ضرر للمواطنين خلال فصل الشتاء، لكن المشاكل تبدأ مع حلول الصيف، حيث ينتشر البعوض والروائح الكريهة".
ويأمل الطويل أن تكون محطة الترحيل الجديدة جاهزة قبل بداية الصيف المقبل لنقل النفايات، مشددا على أن محطة ترحيل نفايات البيرة تعد حلاً مؤقتًا في ظل انعدام البدائل".
وحول الجدل الذي يدور بين سكان المنطقة، يقول الطويل: "بعض الشكاوى التي تقدّم بها المواطنون في محلها، لكن الحل الوحيد الذي توفر بعد أن أغلق الاحتلال الإسرائيلي مكب النفايات القديم، كان إقامة المحطة المؤقتة، واختير هذا الموقع بالذات لأن قطعة الأرض التي أقيمت عليها تعد الوحيدة التي تصنف على أنها منطقة "ب" وبالوقت نفسه هي ملكية البلدية".
ويضيف: "البلدية تنتظر موافقة الجهات المختصة على الخيارات التي طرحتها، التي تصنف جميعها ضمن المنطقة "ج" حسب اتفاق أوسلو".
ويطالب الطويل الجهات المعنية والمسؤولة بالمساعدة في الحصول على قرار موافقة لمكان جديد لترحيل النفايات خلال الفترة المقبلة، مؤكدا البقاء على هذه المحطة إلى حين الموافقة على الموقع الجديد الذي طرحته البلدية.
وحول المكان الجديد يقول الطويل: "اقترحنا مكانا قريبا على مكب النفايات، يخلو من السكان ويبعد عنهم، وهو المكان الوحيد الذي يصلح لأن يكون محطة ترحيل"، مشيرا إلى أن البلدية تعمل أيضا ضمن مشروع المحافظة في إيجاد محطة ترحيل في المنطقة الواقعة بين الجلزون وجفنا، التي لم يتم الموافقة عليها، كما اقترحت إنشاء مكب نفايات نهائي في منطقة رامون، إلا أن المستوطنين رفعوا قضايا لمحكمة العدل العليا الاسرائيلية، التي استجابت لطلبهم ومنعت المضي في المشروع.


مكان المسلخ ومحطة الترحيل "غير مناسبين"
من جانبه، يشير مدير مكتب سلطة جودة البيئة بمحافظة رام الله والبيرة ثابت يوسف، إلى أن القطعة التي تعد محطة ترحيل للنفايات يفصلها عن المسلخ سياج الأخير فقط، ويبعد عنها حوالي 40 مترا، وأن حدود المسلخ ومحطة الترحيل مشتركة، معتبرا مكاني إقامة المسلخ ومحطة الترحيل غير ملائمين على الصعيد البيئي، رغم أن الظروف فرضت ذلك.
ويضيف: "المسلخ بمنطقة "ج" وهو غير مرخص من أي مؤسسة لكن يتم الإشراف عليه وقد جاء بظروف استثنائية".
ويقول ثابت: "محطة الترحيل أنشئت اضطراريا للوضع الطارئ الذي فرضته إسرائيل على البلدية بعد إغلاق المكب القديم، الذي كان من الممكن أن يستوعب نفايات لمدة تزيد عن السنتين دون التأثير السلبي على أحد ودون أن يكلف ماديا أجرة ترحيل من محطة الترحيل بالبيرة إلى زهرة الفنجان في جنين".
ويضيف يوسف: "إن محطة ترحيل النفايات في البيرة غير مطابقة للمواصفات، لكن ظروف جمع النفايات والتخلص منها في البيرة، فرضت هذا الموقع المؤقت حتى إيجاد بديل عنه، وأي محطة ترحيل للنفايات تقام لمكبات نفايات بعيدة عن المنطقة، ولمحطات الترحيل مواصفات عديدة، منها انه يجب أن تكون بعيدة عن السكان، ومحصورة ولا تسرب، وألا تكون بمجرى مياه أو منطقة تؤثر على البيئة المحيطة، وهي في الغالب تكون باتجاه المكب لتوفر أجرة نقل وغيرها، ويكون لها جدوى اقتصادية".
ويذكر يوسف أن مديرية البيئة بالتعاون مع مجلس الخدمات الصلبة لجمع النفايات في رام الله والبلديات (رام الله، والبيرة، وبيتونيا)، نفذوا جولات من أجل الخروج بمكان مشترك لجمع النفايات إلا أنهم لم يوفقوا في ذلك"، مؤكدا أنه لليوم لا يوجد أي موقع متفق عليه من الأطراف المعنية جميعها (البلديات، والمجلس المشترك للنفايات الصلبة والبيئة والصحة).
وبين ما يقوله المواطنون وما يقوله المسؤولون عن المسلخ ومحطة ترحيل النفايات يبقى الاحتلال السبب الرئيس لما يحدث بمحاولة خنق مدينة البيرة وحرمانها من استخدام المكب الخاص بها، والتضييق على السكان هناك.

حياة وسوق: