مزارعو العنب يهجرون الأرض!
تاريخ النشر : 2015-02-09 03:21

الخليل – " ريال ميديا":

تراجع يصيب شهد الخليل وغيره من العنب في فلسطين، فالأرض التي عرفت العنب وعرفها باتت غريبة عنه، فخلال 21 عاما فقط ترك 20 الف دونم من الأراضي في فلسطين زراعة العنب.
يقول رئيس مجلس العنب والفواكه الفلسطينية يوسف صلاح إن هناك تراجعا في مساحة الأرض المزروعة بالعنب، ففي عام 1983 كان يزرع في الخليل وحدها 83 الف دونم بالعنب وحاليا 63 الف دونم».
وأضاف «تنتج الخليل 27 الف طن سنويا من إجمالي إنتاج محافظات الضفة وغزة الذي يصل إلى 55 ألف طن ، مشيرا إلى أن مدينتي حلحول و الخليل اكثر المدن التي تنتج العنب تليهم قرية الخضر في بيت لحم التي تنتج ما نسبته 4600 طن الى 4800 طن من العنب وكانت الخضر في عام 1983 تنتج 6800 طن من العنب. 

منتجا ثانويا من العنب
وأوضح أن العنب من أهم المحاصيل الزراعية التي تنتج في فلسطين. ويعتبر محصولا «مرنا» اقتصاديا يصنع منه ما يزيد على 17 منتجا ثانويا أهمها «العين طبيخ» والدبس والملبن والزبيب والعصير والخل. ويساهم في 9 الى 12 % من القطاع الزراعي فيما يساهم من 2.4 الى 5% من الدخل القومي الفلسطيني، مبينا أن 60% من العاملين في زراعة العنب هم من النساء.

10 دونمات تكفي لحياة كريمة 
وأشار صلاح إلى أن العنب يعتبر من المنتجات الزراعية التي توفر حياة كريمة لمزارعيها وأن 10 دونمات مزروعة بالعنب قادرة على تأمين حياة كريمة للمزارعين اذا اهتموا بالأرض بالشكل المطلوب». وأوضح ان وزارة الزراعة ومجلس العنب يوليان اهتماما خاصا لرفع معدل إنتاج العنب ويعملان على تنظيم العلاقة بين المزارعين والتجار والجمعيات التعاونية وجمعية حماية المستهلك. 
ولفت إلى أن عمل مجلس العنب الذي تم تشكيله بقرار من وزارة الزراعة لتطوير القطاعات الزراعية لاقى استحسان مزارعي العنب وساعد في تحسين انتاج العنب.
وأشار إلى أنه ومنذ عام 2006 وحتى الآن سعت المؤسسات العاملة في مجال العنب ووزارة الزراعة إلى تحفيز المزارعين على زيادة الأراضي المزروعة، حيث أثر مشروع وزارة الزراعة ايضا في تخضير فلسطين وفي توفير الأشتال خاصة العنب بسعر رمزي للمزارعين ما ساهم في ارتفاع انتاج العنب مقارنة عن الأعوام السابقة.

سعر العنب يتضاعف
وعن الجهود المبذولة لتحسين ورفع إنتاج العنب قال صلاح «إن سعر العنب تضاعف بعد تدخل مجلس العنب ووزارة الزراعة، إذ بات يتراوح سعر كيلو العنب في الجملة بين 1.5 حتى 3.5 شيقل وكان في السابق لا يصل سعر كيلو الجملة الى شيقل واحد يشتريه المستهلك من 5- 7 شواقل للكيلو».
وأكد أن الوضع السياسي والواقع الذي تعيشه محافظات الضفة تسبب في تراجع انتاج العنب، معتبرا أن بناء المستوطنات والطرق الالتفافية وسيطرة اسرائيل على آلاف الدونمات وخاصة الأراضي الخصبة الواقعة في (البقعة، ووادي قبون، والبويرة)، بالإضافة الى محاولة اسرائيل إغراق السوق الفلسطينية ببضائع ومحاصيل المستوطنات واغلاق الاحتلال للطرق والعراقيل التي يضعها أمام المزارعين التي تمنعهم من الوصول لأراضيهم وتحول دون ادخال مدخلات الانتاج من اسمدة وكبريت ومبيدات حشرات الأمر الذي أدى الى تراجع انتاج العنب.

اسرائيل تجذب الأيدي العاملة إلى مناطق الـ 48
وأشار إلى أن اسرائيل تعمل على جذب اليد العاملة الفلسطينية إلى الداخل ما ادى إلى انخفاض أعداد العاملين في زراعة العنب وبات عدد المزارعين العاملين في هذا القطاع لا يتجاوز 5700 مزارع بعد أن كان العدد يتجاوز 10 آلاف مزارع عام 1983.
وفي الشأن ذاته، يقول حسام سمحان مزارع عنب من حلحول في محافظة الخليل «إن التكلفة الباهظة لزراعة العنب والعائد المادي الهزيل الذي يجنيه المزارع ساعد في انحفاض انتاج العنب خاصة في محافظتي الخليل وبيت لحم، خاصة وأن غالبية أهالي الخليل وحلحول يعملون في زراعة العنب».
وأضاف «أن الأرض التي تقدر بـ 18 دونما التي تعود ملكيتها لعائلته تنتج مئات الكيلوغرامات سنويا من العنب» الا انه اعتبر العائد من محصول العنب غير كاف «وان ما تنتجه الأرض يعود لها». 
وأوضح سمحان وهو العضو في جمعية السنابل التعاونية التي تهتم في تسويق العنب أن شح تصنيع العنب وتسويقه وتكلفة زراعته الباهظة ساعدت في عزوف المزارعين عن زراعته.
وأشار إلى العديد من المعيقات التي تواجه المزارعين والتي ترتب عليها انخفاض إنتاج العنب، معتبرا التكلفة الباهظة لعملية استصلاح الاراضي الزراعية وانخفاض منسوب المطر في الأعوام السابقة تسبب في تراجع إنتاج العنب بشكل كبير.
وتحدث عن أن زراعة العنب تعتبر «باهظة و»تحتاج الى عملية متابعة وتقليم وعام من التحضير ورش للمبيدات، إذ يصل سعر المبيدات الحشرية والفطرية من 100 إلى 200 شيقل للتر، مضيفا أن تكلفة الأيدي العاملة التي تعمل على متابعة الشجر باهظة تصل الى 150 شيقلا لليوم الواحد. واعتبر أن انشغال المزارعين بأعمال اخرى تسبب في رفع تكلفة زراعة العنب، مبينا أن الأرض تحتاج إلى متابعة، لافتا إلى ضرورة الاستعانة بالأيدي العاملة إذ تصل الأجرة اليومية لمزارع العنب 150 شيقلا، بينما كان العنب في الماضي مجالا يعمل فيه كافة افراد الأسرة.

كلفة عالية في الإنتاج وسعر متدن للعنب
وأضاف «تربية العنب تحتاج إلى عرائش وتعتبر تكلفتها عالية، واشتاله تصل إلى 13 شيقلا للشتلة الواحدة»، لافتا إلى أن عملية استصلاح الاراضي ومواءمتها لزراعة العنب تكلف المزارع آلاف الشواقل.
وقال إنه استصلح دونمين لزراعة العنب كلفته 24 الف شيقل.
وأرجع التراجع في زراعة العنب إلى سعره المتدني مقارنة مع غيره من أنواع الفاكهة حيث يصل سعر 10 كيلوغرامات من العنب في الخليل الى 25 شيقلا فقط، مشيرا إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعا في سعر العنب في الخليل.

ضعف في عملية التسويق
ولفت سمحان إلى أن ضعف عملية التسويق وضعف التصنيع وقلة الأراضي الصالحة لزراعة العنب تسبب في عزوف العديد من المزارعين عن زراعته، بالاضافة الى الحاجة للمياه وآبار مياه لزراعة العنب وريه ضمن برنامج الري التكميلي الذي يساهم في مضاعفة الإنتاج إلى ضعفين او ثلاثة اضعاف المحصول.
وحذر من خطورة التوسع العمراني وزيادة أسعار الأراضي والشقق السكنية التي تساهم بشكل مباشر في تقليص المساحات الخاصة بزراعة المحاصيل وخاصة العنب.

اجراءات الاحتلال عرقلت قطاع العنب
من جهته، أرجع مدير مديرية بيت لحم في وزارة الزراعة صلاح الدين البابا تراجع إنتاج فلسطين من العنب وخاصة في محافظتي الخليل وبيت لحم، إلى أسباب سياسية واقتصادية بسبب السياسة التي تفرضها اسرائيل من خلال شق الطرق الالتفافية في المنطقتين الشرقية والجنوبية وتدميرها لعدة آلاف من الدونمات وفي أخصب الاراضي، بالإضافة إلى اعتداءات المستوطنين المتكررة على أشجار العنب والمزارعين ومنعهم من دخول اراضيهم، واغلاق الأراضي بالقرب من المعسكرات الاسرائيلية والمستوطنات، بالإضافة إلى إغلاق الطرق الترابية المؤدية الى بساتين العنب الذي أدى إلى عرقلة دخول وخروج المزارعين أثناء متابعة وجني المحصول.

تراجع في التصدير
وأشار البابا إلى أن تحكم اسرائيل في المعابر أدى إلى تراجع التصدير الخارجي خلال السنوات الماضية ودفع العديد من الدول المجاورة إلى إنتاج العنب بدل استيراده من فلسطين كما حدث في الاردن التي باتت منتجة للعنب بعد أن كانت تستورده. وأضاف «أن تحكم اسرائيل بالمعابر لم يمنع التصدير إلى الدول المجاورة فحسب، بل حرم قطاع غزة الذي يعتبر اكبر الأسواق المستهلكة للعنب في المنطقة، واصبح دخول العنب الى قطاع غزه مقيدا بكميات قليلة التي تسمح لها اسرائيل بدخول القطاع».
اما عن تسويق العنب الفلسطيني في الأسواق الإسرائيلية، قال «إن عملية تسويق العنب في اسرائيل مرتبط كثيرا بالوضع السياسي»، مشيرا إلى أن عملية التسويق تعتبر نتيجة لاتفاق باريس الاقتصادي، وان اسرائيل ترفض العديد من شحنات العنب تحت مبرر المنتجات الصحية، بحجة وجود آثار للمبيدات الزراعية في المنتج، مؤكدا أن العديد من نتائج فحص العنب كانت منافية لما تدعيه اسرائيل.
وألقى الضوء على التغير في الحالتين الاجتماعية والاقتصادية للسكان وأثرها على زراعة العنب قائلا: إن انتقال زراعة العنب من الآباء والأجداد إلى الأبناء المنشغلين في أمور أخرى غير الزراعة، بالاضافة إلى انشغال العديد من أبناء مزارعي العنب في التعليم والعمل في المجالات الاكاديمية وفي الوظيفة العمومية الأمر الذي رافقه قلة معرفة الأجيال الحديثة بزراعة العنب. ولفت البابا إلى أن انخفاض أسعار العنب وارتفاع تكاليف الإنتاج وصغر الحيازة الزراعية المملوكة نتيجة توزع الورث بين الأبناء تسبب في عزوف الكثيرين عن زراعة العنب لعدم تحقيقه الربح المطلوب. وعن دور الوزارة في النهوض بانتاج العنب قال البابا «إن وزارة الزراعة تعقد دورات تدريبية تهدف لإرشاد وتوعية المزارعين والمواطنين لأهمية زراعة العنب وجدواه الاقتصادية، مشيرا إلى أنها عملت على إنشاء مدرسة حقلية للعنب في حلحول وتسعى لزيادة التركيز على تصنيع العنب وتشجيع المزارعين على العمل التعاوني. وأكد وجود تحسن في زراعة العنب خاصة بعد توزيع الوزارة للآلاف من أشتال العنب بأسعار مدعومة خلال مشروع تخضير فلسطين، لافتا إلى أن تنفيذ العديد من مشاريع استصلاح الأراضي وحفر الآبار الزراعية والطرق الزراعية بالتعاون مع المؤسسات الأهلية من شأنه أن يساهم في زيادة إنتاج العنب وتحفيز المزارعين على زراعة العنب.

حياة وسوق - أسيل ر.سعيد :