غزة الى أين ؟؟؟
تاريخ النشر : 2015-02-04 21:12

وليد العوض:

ما زال الصراع على مصير ومستقبل قطاع غزة محتدما يخبو تارة ويتصاعد تارة اخرى وفي اتون هذا الصراع تطرح العديد من المشاريع منذ خمسينات القرن الماضي وجل هذه المشاريع تتركز في كيفية اخراج قطاع من كونها جزءا من اراضي الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، اصحاب هذه المشاريع يستهدفون من ذلك جعل قطاع غزة كيان جغرافي غير معرف في القانون الدولي مما يضعه امام مستقبل مجهول وفقا لما طرح بعد عدوان عام 1956 حين جرى التخطيط لوضع قطاع غزة تحت وصاية دولية احبطها شعبنا في حينها واصر على عودة الادارة المصرية المؤقتة لقطاع غزة باعتبارها ارض فلسطينية يحدد مستقبلها فقط كجزء من دولة فلسطين ، كما سبق وأن أسقط الشعب الفلسطيني في قطاع غزة مؤامرة التوطين في 28 فبراير 1955 ، وأسقط مشروع تدويل قطاع غزة في مارس 1957 .

المشاريع هذه طرحت فيما بعد بأشكال مختلفة كلها تركزت على فصل قطاع غزة والقاءه في المجهول بهدف قطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ، الشعب الفلسطيني حكايته مع المشاريع والمخططات حكاية طويلة وهو يدرك تماما ان ما يجري الاعداد له في مرحلة ما ويصعب تنفيذه يجري الاحتفاظ به واجراء التحسينات وتهيئة الظروف لنفيذه في مرحلة اخرى ويبدو ن المسرح يجرى اعداده في الحقبة الاخيرة من الزمن للعودة لتنفيذ ما عجز عنه اصحاب مشروع فصل قطاع غزة عن فلسطين لكن يبدو في هذه المرة باستخدام ادوات ووسائل مختلفة عما سبق، من بين تلك المشاريع هي تلك الوثيقة التى صدرت في 1/11/2004 أي قبل استشهاد الرئيس المرحوم ياسر عرفات الذي كان يرقد في حينه في المستشفى في فرنسا ، و قبيل الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة بعام واحد هذا الانسحاب الذي ارادت دولة الاحتلال ادراجه في حينها في مخططاتها الساعية لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية سياسيا وجغرافيا وقانونيا لقطع الطريق على إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة على أراضي 1967وعاصتها القدس ،، ولان المشاريع التي تطرح لا تلقى جزافا كان لابد من اخذها بنظرة حذرة والوقوف امام تساؤلات تبقى ماثلة للعيان خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار أن من بين منظمي ورشات العمل التي تمخضت عنها الوثيقة المشار لها هو السيد شلومو بن عامي وزير خارجية إسرائيل الأسبق والذي كان يعمل نائباً لرئيس مركز TOLEDO في مدريد وهو ذات المركز الذي صدرت عنه الوثيقة وما زالت منشورة على موقعه باللغة الانكليزية لمن يرغب بمزيد من الاطلاع.

- وبنظرة سريعة لما جاء في الوثيقة يتبين ان ما تضمنته كان يتركز حول وضع الاليات لكيفية فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وذلك بتشكيل الإدارة الانتقالية الفلسطينية لقطاع غزة بعيداً عن السلطة الوطنية الفلسطينية و م.ت.ف ،الامر الذي يطرح تساؤلا في غاية الاهمية هل كان الغرض من ورشات العمل التي جرت في مدريد والتي صدرت عنها الوثيقة ، مناقشة موضوع الانسحاب الأحادي الجانب من قبل إسرائيل الذي دعا إليه شارون فقط ، أم كان هناك أغراض أخرى أكثر بعداً من ذلك تتعلق بكيفية ادارة قطاع غزة بمعزل عن الكيان الفلسطيني الذي وصم في حينه بالكثير من الاتهامات منها ما هو حق ومنها ما هو باطل وقد استند حينها الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن لتلك الاتهامات داعيا بكل وضوح لإيجاد قيادة فلسطينية بديلة ، ومما يثير واثار الريبة في حينها أن هناك من الفلسطينيين من شارك تحت مسميات متعددة في ورشات العمل التي افضت الى صدور الوثيقة تلك.

المتتبع لمسار التطورات على الساحة الفلسطينية يلاحظ أن الحديث بعد عام 2005 تركز على تكثيف الجهود الدولية المشبوهة لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والوصول الى ما سمي حينه إقامة حاكمية غزة باسم الإدارة الانتقالية الفلسطينية وتعين حاكم لقطاع غزة بقرار دولي، حينها لعبت اطراف عدة على وتر تغذية الخلافات الداخلية بأشكال مختلفة الى ان انفجر الصراع الدموي عام 2007 حيث حصل الانقسام الفلسطيني الداخلي وبدأت تلك الجهات الدولية ومساندة اطراف اقليمية مسعاها من جديد لوضع ذلك في سياق مخططاتها لتكريس الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة ،،،، ان مكمن الخطر يبين ان ما وضعته هذه الوثيقة المشار لها من شروط وترتيبات لتأسيس الإدارة الانتقالية الفلسطينية في قطاع غزة جاء أسوأ بكثير مما جاء في اتفاقيات أوسلو التي شكلت بموجبها السلطة الفلسطينية وحددت الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس كوحدة جارافية واحدة ... ولا يغيب عن بال احد انه بعد الانقسام خرجت مشروعات أمريكية إسرائيلية لتوسيع قطاع غزة تجاه سيناء ابرزها رؤية الجنرال الإسرائيلي جيوراآيلاند الصادرة من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى لكن جاءت التطورات التي حدثت في مصر بعد 30 يونيو 2013 لتحبط هذا المخطط لكن كما يبدو أنه طوي لمرحلة ما وليس من المستبعد ان يعاد طرحه بصيغ وأدوار جديدة ويبدو ان ما تتعرض له مصر من موجة ارهاب تتركز في سيناء يندرج بي اطار معاقبة مصر على دورها في احباط المشروع انف الذكر ، وهنا نقول بثقة بالغة أن مثل هذه المخططات لا تنتهي بل يتم استدعاءها لتحقيق الغايات التي أنجزت لأجلها . ونرى أن جوهر هذه الوثيقة المتمثل في تكريس فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بطريقة جديدة وبإدارة دولية يتجدد مرة أخرى وما نشهده مؤخرا من فوضى وفلتان يندرج في سياق اعداد لمسرح مرة اخرى وتهيئته ليصب الماء مجدداً في طاحونة العودة لتنفيذ ما جاء في هذه الوثيقة كمقدمة لتصفية الفضية الفلسطينية برمتها. في خضم ما طرح أعلاه من مخاطر يمكن اﻻشارة لعشرات التفاصيل التي تبين ان الامور تأخذ هذا المنحى حتى وإن عبر العديدون عن رفضهم لذلك فحجم ما يجري التخطيط له كبير والاطراف التي تهدف الى تحقيق مآربها ايضا كبرى و قوية بما يمكنها من وضع ما يجري من عبث في خدمة مخططاتها الخطيرة ولمواجهة ذلك ﻻ بد من اغلاق الثغرة الكبرى المتمثّلة في بقاء اﻻنقسام ، ان استمراره يشكل مدخلا رئيسيا لتنفيذ كل تلك المخططات المشبوهة فهل تنجح الجهود المخلصة في اغلاق هذه الثغرة اللعينة ،،،اتمنى ذلك قبل ان يسبقنا الوقت حينها ﻻ وقت للندم.

كاتب فلسطيني:

عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني:

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لموقع " ريال ميديا "