وداعا أبا عادل ...
تاريخ النشر : 2022-05-22 01:11

أكرم أبو سمرا :

شكرا للجماهيرية الليبية التي منحتنا فرصة التعرف عليك والتواصل اليومي معك , تارة في الفندق الكبير وتارة أخرى في فندق باب البحر وتارة ثالثة في الأمسيات الشعرية وتراة رابعة في سبها

وكذلك مكنتنا من التواصل مع شعراء كان مستحيلا اللقاء بهم بحكم المسافات ..ومن بينهم بصير صنعاء : عبد الله البردوني الظاهر في الصورة المرفقة رفقة مظفر النواب

ومن المحطات التي أعتز بها .. تلك المقامرة والمغامرة التي تورطت بها في الأمسية الختامية لمهرجان الشعر في سرت بعد أن انتقلنا إليها من أمسيات بنغازي ..حدث ذلك حين نودي علي لألقي شعرا بعد أن ألقى الشاعر الكبير الجماهيري جدا مظفر النواب ..وأذكر أنني وقفت على المسرح في حين كان الناس داخل القاعة المكتظة مستمرين في التصفيق الحار والمتواصل للشاعر مظفر لأكثر من ربع ساعة دون أدنى اهتمام بالواقف أمامهم على الركح ..

يا سادة : وكان علي أن أكسر هذا الجو ببعض التصرفات الغريبة المشاكسة ..وقد توفقت في جعل الجمهور القاعة منتبها ومتسائلا عن هذا الشاعر العشريني المقدم على الانتحار ..وهنا قلت لنفسي لن تكون شهادة وفاة بل شهادة ولادة ومن الباب الكبير

أثناء تلك الجلبة والقعقعة كنت أقلب قصائدي التي ألقيتها في مهرجان بنغازي وأختار منها المقاطع التي لاقت استحسان الحضور .. ثم وبعد أن ساد القاعة صمت عميق موحش ..استأذنت أبا عادل في أن ألقي من بعده .. فوقف وقال اقرأ يا أكرم تفضل يا معوّد .. وكانت المفاجأة انني نلت من التصفيق مثل ما ناله الرجل ما جعله يصعد المسرح لتهنئتي ونزلنا سويا وأجلسني في الصف الأول .. مع أنني لست من أنصار الصفوف الأولى في الأمسيات والاحتفالات

طيب : وذات مرة انفردت به وكان يقرأ في كتاب سبينوزا ( رسالة في اللاهوت والسياسة ) وسألته محتجا : شاعر بقيمتك وقامتك وخبرتك المعرفية ..هل كان مضطرا لاستخدام عبارة سوقية مثل ( أولاد القحبة لا .. ) ؟.. اعتدل أبوعادل في جلسته ونحّى الكتاب جانبا بهدوئه المعروف عنه في الجلسات والمعاكس لحالة الصخب على المسرح وقال : وهل وجدتني استخدمتها مرة أخرى في قصائدي ؟ أجبت لا .... ثم أردف : إذا خذها في سياقها وستجد أنها كانت ضرورة لابد منها ولا بديل عنها ...

بالمناسبة :مظفر عازف عود محترف ..ورسام .. وشاعرعامية لا يضاهى .. لكن صفة شاعر الفصحى جنت على كل مواهبه الأخرى ولكم في (الريل وحمد ) دليل على حكمنا هذا .. حيث خسرت المحكية العراقية أحد روادها ..

باق فينا يا صاحب ( المساورة أمام الباب الثاني ) .. و ( وتريات ليلية ) ...

يا مظفر : من أدخلوا كل زناة الليل إلى عروس عروبتنا لم يكتفوا بذلك .. بل دخلوا غرفتها مؤخرا كزناة .. ولكل قوّاد منهم نصيب في جينالوجيا القوادة

يا قوم : ومن قصيدته ( المساورة أمام الباب الثاني) اخترت لكم هذا المقطع :

في طريق الليل

ضاع الحادث الثاني وضاعت زهرة الصبار

لا تسل عني لماذا جنتي في النار

جنتي في النار

فالهوى أسرار

والذي بغضي على جمر الغضا أسرار

يا الذي تطفي الهوى بالصبر لا باللّه

كيف النار تطفي النار؟

يا غريب الدار

إنها أقدار

كل ما في الكون مقدار وأيام له

إلا الهوى

ما يومه يوم...ولا مقداره مقدار

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"