الدراما السورية رسخت في ذاكرتي أجواء وطقوس رمضان
تاريخ النشر : 2022-05-08 01:22

عمان - " ريال ميديا ":

لوريس فرح سورية المولد أوروبية الهوى، أو لظرف ما قسرى تركت سوريا وذهبت للعاصمة النمساوية فيينا لتقيم هناك منذ سنوات، درست الأدب الإنجليزي، لها مجموعتين قصصيتين ترجم  للألمانية منهما سبعة نصوص ونشروا مع مجموعة قصص لكتاب من مختلف أنحاء العالم، فازت قصتها "التيه" بالمرتبة الثانية بمسابقة سوريا الدولية للقصة القصيرة، ولها مجموعة قصصية ثالثة أخرى "غيمة" قيد الطبع تدور أغلب أحداثها عن اللجوء السوري في أوروبا. 

صدر لها منذ أربعة أشهر رواية “خلف ستائر فيينا“، وهي عضوة باللجنة الأدبية بالبيت العربي النمساوي وبملتقى التواصل العربي النمساوي وبملتقى القلم النمساوي في فيينا، وأيضا لها مقالات وإضاءات كثيرة عن روايات عربية وغربية منشورة في الجرائد الإلكترونية والورقية.

“الدستور” التقت الكاتبه "لوريس فرح" بمناسبة عيد القيامة وتصادف الإحتفاء به في شهر رمضان المعظم، سألتها بداية وكيف يعيش الكاتب مع الحروب والأوبئة.

ماذا تتذكرين من طفولتك في ما يتعلق بطقوس شهر رمضان في "سوريا" مكان الميلاد والنشأة ؟

 بحكم كوني مسيحية ولدت وعاشت طفولتها في بلدة مسيحية تدعى "صدد" لم يكن لي علاقة مباشرة مع شهر رمضان الكريم لكن الدراما السورية في هذا الشهر بالتحديد أسست لنا ذاكرة خصبة ومليئة بالطقوس الجميلة التي يتحلى بها هذا الشهر فكنا نتجمع حول التلفاز ننتظر مشاهدة المسابقات والمسلسلات التي كانت تحمل نكهة خاصة به. حتى الفاصل الذي كان يتخلل المسلسلات وفوانيس رمضان تتصدره رسم في ذاكرتنا وأرواحنا الكثير من الدفء والجو الحميمي الذي يلف العائلة بأكملها في ذلك الوقت حيث لم يكن هناك انترنيت وكانت هذه الشاشة نافذتنا على العالم بأسره وبهذا كانت علاقتي الأولى والجميلة بشهر رمضان عن طريق التلفاز . في شهر رمضان وأعياد الربيع هذه.

ماذا تتذكرين من عناوين لروايات أو أعمال درامية أو شعرية تتماهى أو تذكرك بهذه الأعياد؟ 

هناك نشيد محفور في ذاكرة كل طفل سوري وربما عربي وهو "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ...وجب الشكر علينا ما دعا لله داع . هذا النشيد عالق في وجداننا وبمجرد سماعه نعرف أن رمضان هلّ علينا وجاء هذا الوقت المحدد من كل عام بما يحمله من أجواء طيبة كنا نتشاركها جميعا. 

أما بالنسبة لعيد الفصح فدائما كان هناك وقت يوم العيد لنشاهد فيلما عن حياة المسيح ولادته وقيامته وكان هذا طقس حميمي أيضا لازلت أتمسك به لغاية الآن وأعيشه وأورثه لأطفالي رغم أني قد حفظت الفيلم والقصة عن ظهر قلب فلهذه الأجواء لذة لا يعرفها إلا من عاشها. 

هل هناك فارق فيما يخص مسلمين ومسيحيين الشرق باحتفالهم بهذه الأعياد واحتفال الغرب بها؟ 

أهل الشرق بمجملهم بصرف النظر عن أديانهم هم شعوب عاطفية وتعيش الفرح والحزن والمناسبات الدينية بكل وجدانها وهذا أمر يعلمه كل شرقي وعربي في بلادنا. لكن هنا في أوروبا من المستحيل لعابر طريق لإحدى مدنها في يوم عيد معين أن يرى أي شعائر أو مظاهر لها علاقة به، حتى عيد الفصح الذي يشمل الشريحة الأكبر من ضمن الأديان الأخرى لا ترى أي علامات لحلوله لا قرب الكنيسة ولا في فكرة الزيارات التي تسمى معايدات وهذه تخص أيام العيد فقط. وإن حدث واحتفلوا بالعيد فالاحتفال يكون باهتا ويتيما بالمقارنة مع احتفالاتنا التي نعدها فرصة لاجتماع العائلة على طاولة واحدة. 

حدثينا ماذا يدور من أجواء في فيينا فيما يخص الاحتفال بالأعياد حاليا؟ 

في فيينا وباقي العواصم الأوروبية وتحديدا بعد موجة اللجوء الكبيرة للسوريين بشكل خاص واليمنيون والفلسطينيون والعراقيون فَردَت الطقوس العربية المسلمة والمسيحية لها مساحة في الساحة. فنرى الرئيس النمساوي يهنئ المسلمون بحلول رمضان والمبادرات التي تدعو لإفطار جماعي يكاد لا يخلو منها منتدى أو وملتقى عربي في فيينا ومثالا عليه ملتقى التواصل العربي النمساوي والاتحاد العام للمصريين بالنمسا لكرة القدم واتحاد النمساويين العرب بفيينا، وكثير غيرهم حرصوا على إحياء الأجواء الرمضانية التي تجمع العرب مسلمون ومسيحيون، وتصدر صورة لطيفة ومليئة بالإلفة عنا للشعب النمساوي مع الحرص على مشاركة أجواء عيد الفصح أيضا مع المسيحيين. 

 الحروب والمجاعات والأوبئة كيف يستفيد الكاتب والمبدع من هذه الخروقات في كتابته؟ 

ما يحدث حاليا على الساحة العالمية هو أمر في غاية الأهمية والغرابة، وخاصة على صعيد وباء كورونا والذي أوقف العالم بأكمله وشل حركته بشكل لم يحدث مسبق. وهذه ظاهرة نادرة جدا ويجب على الكاتب الحذق أن يستغل هذا الحدث ويوثقه على هيئة عمل أدبي أي كان نوعه على طريقته وهو بهذه الخطوة يترك لنفسه بصمة من ضمن بصمات كثيرة ستكتب عن هذا الوباء وتؤرخه وسيكون عمله مرجعا كغيره للأجيال اللاحقة إن أرادت القراءة عن هذه الحقبة الزمنية. وهذا ينطبق على الحروب أيضا وخاصة فيما يتعلق ببلد الكاتب إذا كانت الحرب فيه فأنا أعده واجب عليه أيضا ألا ينأى بنفسه عن حدث مهم كهذا.

حدثينا كمسيحية وابنه للشرق عن استقبال الآخر للعرب واللاجئين في أوروبا؟

 كما في بلادنا في أوروبا أيضا هناك الجيد والسيء، وهذا أمر عاينه كل شخص لجأ لهذه البلاد وقابل المتعصب منهم والرافض لوجودنا وقابل الطيب الذي طبطب على كتفنا. فهناك عوائل نمساوية كثيرة تبنت مساعدة عوائل عربية ولاجئة تحديدا، في الكثير من مجالات الحياة وخاصة مجال تقوية اللغة لديهم من خلال اللقاءات المستمرة معهم أو من خلال مساعدتهم في مواضيع الأطفال والمدرسة إذ أن هناك فارق كبير بين طبيعة المدارس بين المجتمعين وهذا ما يشكل صعوبة بالغة للأهالي الجدد ليواكبوا شؤون أولادهم .أما عن الدولة فقد عاملت اللاجئون كمعاملة ابناء البلد في الحقوق والواجبات ولم تميز أحدا عن الأخر ولكن أيضا يوجد حالات فردية من العنصرية لا يمكننا إنكارها.

في ظل تعايش المسلم والمسيحي هل هناك ثمة أعمال درامية تذكرك بهذا التناسج والتعايش؟ 

الأعمال الدرامية التي صورت التعايش الجمل بيننا كشعب واحد كثيرة جدا واذكر منها حلقات من مسلسل “أهل الغرام" السوري ومسلسل "ليس سرابا" السوري أيضا وما استوقفني في هذان العملان أنهما سلطا الضوء على الواقع الحقيقي للتعايش ما بين المسلم والمسيحي في بلد واحد، ولكن النهاية كانت دائما محبطة عندما يصل الأمر لمرحلة الزواج وهذا واقع حقيقي قدمته الدراما بكل صدق دون مواربة بالطرح. وهناك أعمال كثيرة جدا صورت هذا التعايش وكيف كان يفضي على الجميع البهجة والمحبة خاصة تبادل الجيران لبعضهم البعض (سكبة من الطعام) كما يسمونها واحترام كل منهم لصوم الآخر وهذا ما كان يحدث بالفعل في رمضان.

الدستور - حسين عبد الرحيم :