... فوضى منظمة ...
تاريخ النشر : 2021-09-19 07:55

نهاد الحناوي:

لا يخفى على الجميع منا واقع المنظومة التعليمية و التي لا تسر و لا تبكي أحداً ، بل زدنا حزناً على هذا الواقع في تلك السنوات العجاف و التي صاحبت الوباء ، و الحروب قبله ، و الإنقسام عينه .

فالمقارنة بين الماضي الجميل و الذي حفر تلك المناهج في عقول الطلبة و قلوبهم ، لا زالت تلك الأجيال تتغنى به إلى يومنا هذا .

فنحن بحاجة حقاً إلى تلك العصا لتعديل تلك المسارات ، نحتاجها للشخص المناسب و الوقت المناسب و في المكان المناسب أيضاً ، نحتاج حقاً لهذا العقاب و الذي يتبعه تعديلاً للسلوك ومتابعة لتلك الحالات و التي لا يعدّل سلوكها سوا العقاب ، فهذا العقاب و إن اختلفنا حوله ظاهرياً ، و أيدناه في سريرتنا ، و تظاهرنا بمنعه في مجالسنا هو من صنع تلك الأجيال على مر التاريخ ، فمن أمن العقاب أساء الأدب ، هذا ما تناقلته الأجيال .

هذا العقاب هو جزء من كل ، و ليس الكل في تلك المنظومة التي غلب عليها الشكليات ، و الإحتفالات ، و احياء الذكريات ، و عمت الفوضى صلبها .

نحن بحاجة إلى دروس في الميدان ، تلك الدروس لا يعطيها سوا رجال التعليم من الرعيل الأول ، فقد جعلوا من مدارسهم مصانعاً للرجال ، و ليست مسارحاً لصراعات الأجيال .

فمدراء الماضي كانوا جسوراً يستند عليها المعلمون ، هنا الحديث عن المدير لأنه العامود الفقري للمدرسة و قوامها ، فعملية اختيارهم كانت تتم وفقاً لخبراتهم الميدانية و لم تتم وفقاً لاختبارات الاختيار من متعدد ، أو مقاييس الذكاء ، فالميدان هو الاختبار الحقيقي لمدير المدرسة إن رسب فيه الكثير من أوائل الإمتحانات .

تلك المنظومة المعقدة تحتاج إلى الكثير من الإصلاح و الذي يسبقه التقييم ، و إن حدث ذلك ، فيجب أن لا يستثني التقويم أحداً من الكل ، نحن نتحدث عن منظومة التعليم و ليس المعلم الذي أرهقته الديون ، و يلقى على كاهله الكثير من الثقال .

فالمناهج و الإدارات و المعلم و الطالب و أولياء الأمور ، كلهم شركاء في صناعة الطالب و ليس المعلم وحده ، و لا الطالب عينه .

فالعديد من أولياء الأمور لا يتم حضورهم للمدرسة إلا لمحاسبة المعلم ، أو لمراجعة درجات الطالب ، و منهم لا يعلم لأي فصل ينتمي إبنه ، فالغيرة تغلب كثيراً على ربات البيوت حول درجات الآخرين .

ندرك جميعاً أن الطالب هو محور تلك العملية ، و قد مُنح كل الصلاحيات و ترك وحيداُ لمواجهة كل التحديات و الصعاب .

أما المعلم الذي أثقل بالجداول و المهام ، و الديون ، و الهموم ، و لا زالت تلك الأعباء على كاهله ، و قد أدرك الجميع ذلك في تلك الأيام العجاف التي رافقت العملية التعليمة من وباء و حروب و توترات سياسية ، جعلت من الطالب مسؤولاً عن تلك العملية برمتها ، هنا أدرك الجميع دور المعلم و قيمته ، و لم يعطوه حقه و حقوقه .

أما عن مدراء المدراس الذين سلبت صلاحياتهم و ترك العديد منهم ليواجه تلك الحدود المفتوحة على مصراعيها ، و واجهوا أولياء الأمور وحدهم ، و و كل الظروف التي نعلمها جميعاً ، و هم ايضاً أول من يحاسبهم الجميع .

علينا أن ندرك جيداً أن تلك الدرجات التي حصل عليها الطلبة في تلك السنوات ليست تقيماً حقيقياً لهم ، فلا زال الميدان هو المقياس الحقيقي لتلك الكفاءات ، و المهارات هي من تحدد مستوياتهم .

هل بتنا نعيش فوضى منظمة في التعليم ؟ أم تلك سنوات عجاف سوف يتبعها قحط شديد ؟

أم هي حالة فوضى و تيه مؤقتة ؟.

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"