حذوة حصان
تاريخ النشر : 2020-10-15 13:06

أكرم أبو سمرا:

تابعت نشرات أخبار قناة الميادين عن لقاءات اتفاق الاطار مع اسرائيل – حسب تعبير نبيه بري – وقرأت جريدة الأخبار اللبنانية فوجدتهما تشددان على أن الوفد اللبناني تلقى تعليمات صارمة وأوامر حازمة بعدم التقاط صور تذكارية مع الوفد الاسرائيلي .. بل رفعت مستوى اللاءات إلى .. لا سلام ولا مصافحة ولا إيماءة للوفد الإسرائيلي، ولا كلام بشكل مباشر ولو للحظات .. وأن يكون الكلام موجها إلى الوفد الاسرائيلي عبر وسيط الأمم المتحدة ..

هل نقول بأن قيادتهم ذهبت في الشطط والتعسف والتشدد والمبالغة إلى درجة أنها اشترطت بأن تكون الطاولة المقدسة المحروسة السنفورة في الناقورة على شكل حذوة حصان .. ؟

طيب : ولماذا حذوة الحصان ؟ قالوا لأنها تمنع التلاقي والتجاور والاحتكاك كتفا لكتف .. وهو وضع لا توفره الطاولة المستديرة أو المربعة أو المستطيلة فهذه لا تمنع الاحتكاك .. وقد لا تمنع أن تلتقي يد الاسرائيلي وهي تمتد إلى صحن الحمّص وسط الطاولة مع يد الاسرائيلي فيحدث الدنس لا سمح الله ولا قدر

يا جماعة : ما الذي تخفيه أكمة هذا التعصب والتطرف في التحذيرات والممنوعات ؟ وبحسب تجارب التاريخ فإن أصحاب التعصب الأعمى والتطرف الدوغمائي في مثل هذه المواقف سرعان ما ينقلبون على انفسهم استجابة للواقعية والعملانية والديناميكية ..

بصراحة : قد أفهم أن لا يكون هناك صور ولا مصافحة ولا كلام مباشر .. لكنني لا أفهم كيف لا تكون هناك ايماءة باليد أو بالعين أو بالكتف أو بالحاجبين .. كيف ؟ فلن يضرك كمفاوض أن تصافح وتأخذ صورا ... ما دمت لم تتنازل في حقوقك المشروعة .. ثم كيف نسيتم أن الله يرى وأن ملائكتة تصور ؟ .. وهل فاتكم أن زرّا في قميص ديفد شينكر أو قلما في يده قد يكونان آلتي تصوير وأنتم تتعسفون ..

يا أوادم : قرأت أسباب اختياركم للعميد الركن طيار بسام ياسين .. وقلتم بأنه تتوفر فيه صفات لا تتوفر في غيره ومنها أنه (عدائي عند اللزوم، وحادّ، لا ميول حزبية لديه ولم يعرف عنه ولاء سياسي، وطني بتعبير عارفيه) .

وعليه : لنفترض أن عنصرا في الوفد الاسرائيلي أساء وتجاوز حدوده .. فصار لازما على الطيار ياسين أن يشهر عدائيته وحديته .. بمعنى أنه عصّب فأراد أن بفش خلقه .. فهل سيكون عليه أن يعصب ويفش خلقه في وسيط الأمم المتحدة ؟.. والذي عليه بدوره –كناقل للغضب كما هو ! دون تزوير- أن يعصّب ويفش خلقه في العنصر الاسرائيلي...! على قاعدة (الحكي إلك واسمعي يا جارة ) بناء على أن الكلام المباشر وإشارات الصم والبكم ممنوع أن تتوجه مباشرة إلى الاسرائيلي !!!!

يا قوم : صحيحة هي قاعدة الجنرال والمفكر العسكري البروسي كارل فون كلاوزفيتز والتي تقول بأن : ( الحرب ليست سوى استمرار للسياسة، ولكن بوسائل أخرى) .. ولكن يمكن أن نقول أيضا – وليسمح لنا كلاوزفيتس لوعكسنا ما قاله هكذا : ( التفاوض هو استمرار للحرب بوسائل أخرى ) ..

يا قوم : هل نذكركم بأنه حين ذهب الوفد الفيتنامي المكون من رجلين وامرأتين إلى باريس للتفاوض مع الوفد الأمريكي .. فكان هناك كلام مباشر ابتداء من المطار عبر المخابرات الأمريكية .. ومصافحة .. ولكن الوفد الأمريكي وجد قائدة الوفد الفيتنامي تفاوض على كل شيء ..بل إن عناصر الوفد الأمريكي أقروا بأن الحرب العسكرية أسهل من التفاوض السلمي مع تلك المرأة الفيتنامية الضئيلة الحجم .. وعليه نقول لكم تواضعوا .. فلن تكونوا أشرف وأطهر وأصلب من المفاوض الفيتنامي .. لأن مستوى النواهي العالي ينطبق عليه المثل ( يكاد المريب بأن يقول ... )..إلا إذا كنتم لا تثقون بالمفاوض اللبناني .. فلم يكن هناك داع للنواهي التي يمكن لمفاوضكم أن يلتف عليها ومن هنا تكون نواهيكم شكلانية و قبض ريح

طيب : بلاش من النموذج الفيتنامي .. وعليكم بالنموذج السوري .. فقد تفاوض السوريون عير فاروق الشرع بشكل مباشر .. وكان الرجل بتفاوض لإعادة كامل الأراضي السورية مع ايهود باراك وكلينتون ولم يكن يتفاوض على ترسيم حدود مثلكم !!.. ثم – وكما تعلمون - فشلت المفاوضات بعد تمسك الشرع بأمتار قليلة على بحيرة طبريا بالإضافة إلى ضرورة ازالة أبراج الانذار والمراقبة فوق جبل الشيخ !!

بالمناسبة : إذا كنتم بهذه الصلابة الفولاذية .. لماذا سلمتم العميل فاخوري هدية لترمب وصحبه ؟

قال حذوة حصان قال !

خليها حذوة فأر أحسن

استدراك غير ضروري : من يقرأ نواهيكم ومحظوراتكم ومحاذيركم لوفدكم المفاوض يظن أن كتائب جيشكم صارت على أبواب تل أبيب

ملاحظة زائدة : هل غاب عن عقولكم أن هناك لقاء دوريا بين وفد من الجيش اللبناني وآخر من الجيش الاسرائيلي يقع كل شهر وذلك بعد حرب 2007 إلى يومنا هذا .. في نفس الناقورة ونفس القاعة ودون حذوة حصان !.. وعليه لماذا تركتم الوفد الدوري الشهري في حل من هذه الأوامر والنواهي الجديدة .. واعجبي.

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"