أ. فوزية أوزدمير:
حدثتهُ حديثاً مؤّثراً مرّة على خلاف بقيّة الأيّام :
أن تأخذ مكانهُ حتّى تعلق رائحتُها بالفراش واللّحاف والمخدّة ، في تلك السّاعة المتأخّرة ، المستمدة من وهم الأحلام ، من الوجهِ الرائعِ للحياة ، من خمرةٍ لذيذة ٍيستطيبها المغرم الولهان ، وشاطئاً دافئاً يستريح فيه وتجوس يداه في ملمسها اللّين الفتان ، وجسداً مرمرياً يهصرهُ ، فيقاطر متعة منعشة
أثارت بألقها تلك الحجرة المظلمة وأنارت عتمته المبهمة ، وغمرت رائحة أنفاسها الطّيبة جوّها المتعكرّ ، ضاع فيها عطرها وندم شاهراً سبّابته في وجهها
غرقت مع عسلها وعسْليتها ، فتعتعتهُ بخمرها رغم كلّ شيء
لولا غلالة من الحزنِ وأوجاع تنخّر في العظم ، على قاعٍ صفصفٍ ،يراها غصناً جافاً أو جذعاً يابساً ، ليصل إلى الجنون مرورّاً باليأس والإحباط والسّأم ، وضروب من العدميّة
فقد كانت تأخذها في البدايةِ سكرة ممزوجة برعدة ..
شيءٌ دقيقٌ لم تتمكّن من فهمه ، شعور قاسٍ يجعلها تشعر بالغثيان !
ظلّت تلّف وجهها بوشاحٍ حريري مزين بعدة ثقوب مذهلٌ قُلَّبٌ لا تستقر على هيئة واحدة
ترنو إلى البعيد ، تستجدي عاطفة وَلت من جديد ، تبحث بين حنايا أضلعها عن ضلعٍ تكسر قبل حين ..
فتستسلم وترضخ في لحظات من غضبها كجحيم ( دانتي ) ، وسؤال يزحف بين قضبان سجنها العنيد كأنّه إبَرٌ غليظةٌ تنخرها من الدّاخل :
أتعرف ما معنى الوجع في الأحشاء ؟
ما معنى تمزّق الروّح والنفس ؟
إنّه وخزٌ في موضعٍ سخيّ من الروّح ، ريشةٌ حادّةُ الذؤابة مزّقت قفا الورقة والذات
سّري وورقتي ونفاذ ذاتي !
شيءٌ بغيضٌ ، يذهبُ بالعقل فتتخدّر الأعضاء ، كريهٌ في اللّحم ، لا في الذّهن ! .