إسرائيل المعادية للسامية
تاريخ النشر : 2020-01-22 00:10

عمر حلمي الغول:

تستغل دولة الإستعمار الإسرائيلية الذكرى ال75 للمحرقة (الهولوكيست) في اوروبا اثناء الحرب العالمية الثانية على يد الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية لتعميم مفاهيم ومقولات لا تمت للحقيقة بصلة مثل إتهام الفلسطينيين خصوصا والعرب عموما، بأنهم "أعداء السامية"، وتحاول إستثمار توافد رؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء خارجية من العالم لإحياء الذكرى يوم الأربعاء والخميس القادمين لترويج تلك البضاعة الفاسدة والمتناقضة مع حقائق التاريخ وأصول الشعوب والأمم، حيث ان العرب ومنهم الشعب العربي الفلسطيني، هم الساميون، وهم المنكبون باللاسامية الصهيونية، التي تنفذها أدوات القمع التنفيذية للدولة الإستعمارية الإسرائيلية منذ ما يزيد على السبعين عاما منذ النكبة الفلسطينية في العام 1948 وحتى يوم الدنيا هذا.

والشعب العربي الفلسطيني ومعه كل العرب كانوا ومازالوا الأكثر تضامنا مع اتباع الديانة اليهودية، الذين تعرضوا للمحرقة النازية في اوروبا  في اربعينيات القرن الماضي، والتي قادها النظام الهتلري عن سابق تصميم وإصرار ضد ملايين الأبرياء في المانيا وبولندا وغيرها من دول اوروبا الغربية والشرقية.

ومع ذلك قامت الحركة الصهيونية مدعومة من قبل كل قوى الشر في اوروبا وأميركا بإستغلال المحرقة ضد اليهود لتنفيذ المشروع الكولونيالي الإجلائي والإحلالي على حساب الشعب العربي الفلسطيني، ونكبة شعبه من خلال طرد ابنائه من وطنهم الأم فلسطين إلى المنافي، ولم تستجب لتنفيذ قرار التقسيم الدولي رقم 181 الصادر في تشرين ثاني/ نوفمبر 1947، وواصلت جريمتها بإحتلال والسيطرة على 78% من ارض فلسطين التاريخية، ولم تكتف بذلك، بل انها قامت في العام 1967 بإحتلال كل فلسطين التاريخية بالإضافة لسيناء المصرية والجولان السورية ومزارع شبعا وقرية الغجراللبنانية. وإدعت في كل المحطات أنها تريد "السلام"، ولكنها في الحقيقة مزقت كل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الصهيوني، وضربت ركائز مرجعيات عملية السلام، وتعمل على مدار الساعة على إستباحة الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية على مرآى ومسمع من العالم، وأغلقت كل أفق لإنبلاج تسوية سياسية مقبولة وممكنة حددتها الإتفاقيات المبرمة بينها وبين قيادة منظمة التحرير، التي قدمت تنازلات كبيرة وغير مسبوقة من خلال قبولها بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على مساحة الإراضي التي إحتلتها في الخامس من حزيران/ يونيو 1967، والتي تعادل 22% من مساحة فلسطين التاريخية، وأقل من نصف ما كفله قرار التقسيم الدولي للدولة الفلسطينية.

في هذة اللحظة التاريخية، التي يحيي فيها زعماء العالم الأربعون ذكرى المحرقة، تستدعي الضرورة منهم جميعا بقدر تضامنهم مع اتباع الديانة اليهودية، الذين تعرضوا للمحرقة العمل على إستخلاص الدروس من التجربة المرة، التي شهدتها البشرية على يد النظام النازي الهتلري، بقدر ما تملي عليهم الضرورة التوقف أمام جرائم الحرب المتواترة، التي تنفذها وترتكبها أجهزة الدولة الإسرائيلية الإستعمارية ضد الشعب العربي الفلسطيني، وتعمل بكل السبل والوسائل لحرف بوصلة النضال الوطني الفلسطيني السلمي من اجل بلوغ السلام الممكن والمقبول، وإتهام القيادة والشعب الفلسطيني والعرب ب"معاداة السامية"، وهم الساميون، وليس يهود الخزر، الذين جاؤوا من روسيا وآسيا الوسطى ودول أوروبا وغيرها من دول العالم، وتعيد إنتاج المحرقة باساليب واشكال مختلفة في عملية تطهير عرقية قل نضيرها في التاريخ المعاصر.
احد الدروس الهامة من المحرقة النازية عدم إعادة إنتاج المحرقة ضد الشعب العربي الفلسطيني السامي.

وإعادة الإعتبار لعملية السلام وفق قرارات الشرعية الدولية، ومرجعيات التسوية السياسية. لا يكفي ان يذرف قادة العالم الدموع على ضحايا النازية الألمانية، بل واجبهم ان يذرفوا الدموع على ضحايا النازية الصهيونية، وإنقاذ عملية السلام من تصفية محققة تقودها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة بالشراكة الكاملة مع إدارة الرئيس دونالد ترامب الأميركية عبر ما يطلق عليه "صفقة القرن". وعلى زعماء العالم ان يرفعوا الصوت عاليا في وجه القادة الإسرائيليين ليكفوا عن جرائمهم ومذابحهم ومجازرهم ضد الفلسطينيين العرب.

الرهان سيبقى قائما على الزعماء اصحاب الضمائر الحية في إنقاذ التسوية السياسية من موت محتم بفضل السياسات الإسرائيلية والأميركية، وبناء ركائز إقليم شرق اوسطي جديد خال من الحروب والنازية مع تمكن الدولة الفلسطينية من التحرر والإنعتاق من ربقة الإستعمار الإسرائيلي، وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي طردوا منها في عام النكبة 1948 وعام الهزيمة 1967، وضمان المساواة لإبناء الشعب الفلسطيني حملة الجنسية الإسرائيلية. لإن السلام في الإقليم يشكل بوابة للسلام العالمي، ويعزز من بناء منظومة عالمية جديد تقوم على العدالة االنسبية، وتضمن التكافل والتضامن بين الشعوب الحرة والسيدة والمستقلة.

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"