روح
تاريخ النشر : 2019-10-19 00:43

ميرفت أبو حمزة :

كان من الصعب جدا
أن أمرّ بقداسك ولا أصلي..
أن أرتطم بجرس معبدك ولا أحدِثَ أي ضجيج...

لم أكن لأعبر مثل الريح
فوق رماد الجمر والبخور
ولا أزكم أنفي بأنفاس مدينتك المنهكة..

الآن.. رئتي مثملة بك تماما..
تبعثك مثل السُكر في دمي..
الآن يلف بي الكون..
وتهتز حولي جزر الرنين الغارقة بالهمس
فأسقط في دوار صبوتي..

هاهي بروج الله تُشيد فوق صدري المبتل بالندى..
وشمسك مثل البعث والنشور..
تحرك جثث النبض
في شرايين الماء والمساء...

وتقول:
يا نار آنسي لا تغيبي..،!
والنار آلهة وجهك..
ووجهك الكثير مني.. ومنك
حين تأتي لترتدي ملامحي..
وتترك في يدي طفل رعشة حزينة..
وعلى رمال وقتنا المهزوم
تشيدني ظلالا لكل النساء..
ثم تمضي..

أنا الليل يا ساهرا على جرف النهايات...
أدور حولك مثل شغف الدراويش
لأخرج من ظلمة كلماتك كالنور..
أقرعُ كأسي الزلال مع الله
وأسقط مثل سكير كسر زجاجته الأخيرة
وجثم على أعقاب روحه يصلي..

فكن أو لا تكون...
زيت قنديلي إذا ما أقبل الليل..
ولا تسله كثيرا..
الليل مارد بساق واحدة
يكره الثرثرة والتصريح..
يكتب وكفه مبتور..
يقتلنا لو شاء بجرة قلم واحدة..

يبكي. ويضحك مثل مجنون
في حلقه جوقة من الأحاديث..
والأحاديث دبيب خطاطك إليّ..
حين هجعت ..
مثل محارب نفذت ذخيرته
وأدار ظهره للموت...

والموت أنا وأنت... حين نكون معا..
وأنت الهواء.. لغز الريح العصي..
وبيدي خيوط الريح...
أنا كل الشوارع والأبنية القديمة
حين تتوه منك العناوين
وحين تعود..
أنا للطريق أناك.. وأنت لقياس المسافة أنا..
وأنت ابن المقامات والأصداء
لحنك ورجع صداك أنا..

بك آمنتُ.. كفرتُ بي..
موشوم بحبر القلب ..
بالآهات تكتبني.. وبالآهات تمحيني..
أتوارى خلف كلماتي... ويربكني شحوب القصيدة.