وماتت عيش الأسطل !!!
تاريخ النشر : 2015-05-27 21:48

غزة – " ريال ميديا":

توفت السيدة عيش زيد الأسطل ، عن عمر يناهز الستين عاماً، ولكن وفاتها فتحت من جديد ملف التحويلات الطبية وانجازها من قطاع غزة الى مستشفيات ما وراء معبر بيت حانون ، أو معبر مصر المغلق منذ ثمانين يوماً ، والحكاية كلها تجتمع في مكتب السيدة أميرة الهندي ، التي تعتبر المحرك القوي لأي تحويلة طبية لمرضى قطاع غزة ، والمسألة ليس بكيل التهم وتحميل المسئوليات عن التقصير والتطنيش والتهميش والتحريف ، ولكن المسألة أكبر من كل هذا كله ، وهي أين قطاع غزة من حقوقهم في الحياة والعلاج ؟ ولماذا المعابر المغلقة دائماً تستخدم كالسياف الذي ينتظر مولاه لتنفيذ حكم الاعدام بمن يريد؟

وقصة عيش الأسطل كقصة أي مريض من غزة ، لم يتم الموافقة له بالخروج على وجه السرعة من القطاع  الى أحد مستشفيات الخط الأخضر ، إلا بعد أن وصلت الروح الحنجرة ، وفي حكاية عيش ، كان بالامكان أن تتدخل وزارة الصحة وبشكل فوري لإنقاذ حياتها وعدم التسويف في تحويلتها رغم معرفتها تماماً من خلال تقاريرها الطبية أنها بحالة الخطر الشديد ، فعشر ساعات من المماطلة وغياب نهار ومبيت ليل ووصول المريضة الى اليوم التالي وهي تنتظر موافقة الصحة أو تحريك السيدة أميرة الهندي ملفها الطبي ، لدفع عجلات سيارة الاسعاف باتجاه المعبر ، كانت كفيلة بإنقاذ حياة عيش ، وربما عذروا لو تحركوا فوراً وساعدوا أهل المريضة في سرعة التحويلة ، ولكن المماطلة ووصول الموافقة بعد نهار وليلة ، كان سبب أساس في الوفاة .

ومن أجل حياة "عيش" وأنقاذ حياتها تم التواصل مع كل من يستطيع المساعدة ، بدءاً من الدكتور مدحت طه في مكتب السيد الرئيس ، الى الدكتور بسام البدري مسئول العلاج بالخارج في قطاع غزة ، ومحاولات الاتصال بالسيدة أميرة الهندي ، ومديرة مكتب وزير الصحة الدكتور جواد عواد ، ولكن كل هؤلاء منهم من استعد للمساعدة مثل الدكتور مدحت والدكتور بسام البدري ، ومنهم من لم يستجب نهائياً ولم يجب على الاتصالات مثل السيدة أميرة الهندي ، صاحبة العلاقة والقرار ، وكأن المسألة ملف وأغلق ، وليست روح كان من الممكن انقاذها .

غزة بمرضاها على هذا المنوال في حالة من الخطر الشديد ، بل حالة لا يمكن تحملها ، فمنذ زمن ما قبل الانقسام ، كانت ساعة واحدة فقط تكفي لتحويل مريض بحالة خطرة من قطاع غزة الى أي مكان يرسل اليه ، وخروجها يتم بمساعي فريق عمل متكامل ، والكل مهتم بتحويل الحالة بكل انسانية ، ويقظة ضمير ، لأن الأمر يتعلق بحياة انسان ، من حقه أن نسعى له من أجل انقاذ حياته ، واما اليوم فالكل يعلق بطء مساعيه على شمعة المعبر ، والاجراءات الاسرائيلية ، والموافقات المركبة تركيب عجيب ، والأوراق المعقدة ، تعقيد أبليس لحبال المسد ، فهل خف منسوب الانسانية في صدور المسئولين ، ام أن معايير ما باتت تتحكم في قطاع غزة وسكانها؟

من قبل عيش مات الكثيرون الذين انتظروا أن تتحرك بهم سيارات الاسعاف الى المعابر ، ولكن موتهم كان أسبق من استجابة مسئول على طلب مناشدة عاجلة لإنقاذ حياتهم، والاكيد أن بعد "عيش" سيكون الكثيرين في محراك بحث الوفيات ، لطالما المسئولين لم يراجعوا عن الارواح التي خرجت الى باريها، بسبب تقاعسهم ، وبطء تدخلهم لإنقاذها .

ولكن الى متى سيبقى الوضع على حاله في قطاع غزة ؟

سؤال يرحله الكثيرون الى المجهول المرتبط بغموض ما سيكون عليه المستقبل ، ولكن قليل من الانسانية قد يغنينا عن كثير من لوم كل مسئول قد يعرض نفسه لمساءلة الله سبحانه ، وأن نجا من مساءلة أهل الارض .

رحم الله عيش الأسطل ، واسكناها فسيح جناته ، والصبر والسلوان لأهلها .

وعلى سكان قطاع غزة أن ينتظروا صحوة الضمائر ، لعل أن تكون قريبة !!!.

أمد – خاص – ناصر عطاالله :