صحفي يهودي: على إسرائيل أن تخير حماس بين الأنفاق أو الإغلاق؟
تاريخ النشر : 2015-05-21 15:43

القدس المحتلة - وكالات - " ريال ميديا":

كتب الصحفي الاسرائيلي شلومي الدار، مقالا في "المونيتور العبري"  اشار فيه انه على اسرائيل ان تضع خيارا أمام حركة "حماس" إما الانفاق أو الإغلاق، ونعيد نشر المقال كاملا كما وردت ترجمته من قبل "أطلس للدراسات":

نص المقال

عادت حماس لحفر الأنفاق على حدود غزة، وربما اجتاز واحدٌ منها على الأقل الخط الفاصل؛ هذا ما كشفه نهاية الأسبوع (17 مايو) عضو كنيست الاحتلال عومر بارليف، عضو لجنة الخارجية والأمن، وأضاف "لو كنت وزير الأمن، كنت سآمر الجيش الليلة قبل البارحة بالخروج لعملية لهدم الأنفاق المتجددة".

حقيقة إعمار أنفاق حماس، التي دمرت في عملية "الجرف الصامد" (أغسطس 2014) والبدء في حفر أنفاق جديدة، معلوم جيدًا للأجهزة الأمنية الإسرائيلية ولصناع القرار منذ شهور طويلة، حماس لا تبذل جهدًا في إخفاء "المشروع الرائد" الذي تعمل عليه، الجناح العسكري للتنظيم كتائب عز الدين القسام تستثمر الكثير من الموارد في مشروعها هذا، بغض النظر عن وضع السكان البائس في قطاع غزة، حيث الوضع الانساني يزداد سوءًا في أعقاب الحرب الأخيرة، وكذلك إثر إغلاق الحدود مع مصر في ديسمبر 2014.

وكما كتبت هنا في "المونيتور" في مارس 2015 فإن مشروع إعمار الأنفاق تجدد بعد انتهاء "الجرف الصامد" بأسابيع قليلة، وانه يشغل مئات الفلسطينيين من ذوي المهن المختلفة، ويشغل الكثير من وسائل النقل، عمال المشروع يكافحون من أجل فرصة العمل في الأنفاق، ذلك انه فرصتهم الوحيدة في إيجاد عمل بغزة التي تضربها البطالة، هذه الأعمال الحثيثة الواسعة النطاق على طول الحدود مع إسرائيل تجعل مشروع تعدين الأنفاق وإنتاجها مفضوحًا ومكشوفًا للجميع.

في حين ان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنفي زعم عضو الكنيست بارليف بأن نفقًا حمساويًا واحدًا على الأقل اجتاز الحدود مع إسرائيل، في المقابل فإن سكان الكيبوتس "نيريم" في النقب الغربي يزعمون ان الشركة الخاصة التي استأجروها قامت ببحث شامل أظهر علامات ترجح وجود عمليات حفر تحت منازل الكيبوتس.

وسواء نجحت حماس خلال 10 شهور في اجتياز الحدود أو لم تنجح، فلا شك ان هذا هو هدفها الذي تسعى الى تحقيقه حثيثًا، "المشروع الرائد" لكتائب عز الدين القسام سيصل خلال وقت قصير الى مرحلة تكون فيها عشرات الأنفاق التفجيرية صالحة وجاهزة للهجوم على إسرائيل، إسرائيل من جانبها على ما يبدو لم تقم بأي عمل لمنع ذلك الى يومنا هذا، والى ذلك فهذه المرة وليس مثل عشية "الجرف الصامد" لا يوجد أبدًا جدل حول السؤال فيما إذا كانت الأجهزة الأمنية تملك أو لا تملك معلومات استخبارية عن جوهر الأنفاق، ولا جدال حول التهديد الواضح التي تشكله هذه الأنفاق على سكان الجنوب، التهديد قائم؛ بل وظاهر للعيان.

تقف إسرائيل اليوم في مواجهة معضلة عسكرية وسياسية على حد سواء، وإذا كان الأمر كذلك كما نصح عضو الكنيست بارليف بدخول الجيش لتنفيذ عملية أخرى في قطاع غزة بهدف هدم الأنفاق؛ واضح للعيان ان العملية العسكرية لن تنتهي بالقرب من الحدود، وإنما ستتدحرج الى عملية شاملة في القطاع، وعليه فمغزى هذا الأمر: إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وهجمات جوية وبرية على غزة، والقتال في الأحياء المزدحمة والمساس بالسكان المدنيين، وتدمير البنى التحتية في قطاع غزة الذي ما زال يلعق جراحه التي نتجت عن حرب الصيف الماضي، من ناحية إسرائيل عملية عسكرية أخرى في غزة خلال عام واحد فقط سيضاعف الضغوطات الدولية عليها، بغض النظر عن أهمية العملية أو حقيقة ان تدمير الأنفاق هو ضرورة دفاعية ملحة، ومن ناحية أخرى عندما تكون الصورة واضحة والخطر داهم، فإسرائيل لا تستطيع الجلوس مكتوفة الأيدي ثانية وتواصل التصرف مع حماس وكأن التهديد غير موجود.

في الشهور القليلة الماضية اضطرت إسرائيل الى تخفيف الاغلاق عن قطاع غزة، الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع تأتي اليوم عبر إسرائيل فقط، بعد ان أغلقت مصر جميع أنفاق التهريب في رفح، ولولا تخفيف الإغلاق وإدخال البضائع والمواد الخام، التي منعتها إسرائيل في الماضي، لكانت غزة تعيش اليوم أزمة إنسانية.

في الوقت الحالي؛ الطريقة الوحيدة التي تملكها إسرائيل هي توجيه انذار الى قيادة حماس السياسية والعسكرية: إذا لم يتوقف مشروع الأنفاق فلن يصل الى غزة مواد البناء التي تنقلها إسرائيل حاليًا بشكل لا ينقطع الى القطاع، وستلغى جميع التسهيلات بالتدريج.

توجد في الفترة الأخيرة قنوات بين حماس وإسرائيل لتبادل الرسائل، يديرها دبلوماسيون أوروبيون، وعلى رأسهم القنصل السويسري بول غرينيه، قيادة حماس السياسية في غزة لم تنفِ وجود هذه الاتصالات التي تستهدف التوصل الى تفاهمات حول وقف إطلاق النار طويل الأمد بين حماس وإسرائيل. من خلال هذه القناة وقناة الحوار الأخرى عبر قطر تستطيع إسرائيل بكل سهولة أن تمرر رسائلها القاطعة؛ وقف مشروع الأنفاق بشكل نهائي أو إحكام حقيقي للإغلاق وتضييقه بطريقة تهدد حكم حماس.

في الماضي قلت ان الاغلاق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، بعد ان سيطرت حماس بالقوة على الحكم، كان خطئًا فادحًا لم يفعل شيئًا سوى تعاظم قوة حماس وإصرارها وتركيز جهودها على إقامة قوة عسكرية تقاتل من أجل فتح المعابر، ولكن الآن فإن الاختيار هو بين عملية عسكرية في غزة بكل ما تعنيه الكلمة أو استخدام الضغط الاقتصادي، وهو الوسيلة الوحيدة التي ستوضح لحماس أن الأنفاق ستورطها، وقد تؤدي الى تقويضها.

تشديد الحصار سيزيد من تدهور وضع السكان في القطاع، ولكنه على ما يبدو الوسيلة الوحيدة للردع التي تمتلكها إسرائيل قبل القيام بعملية عسكرية من شأنها ان تؤدي الى المساس بسكان القطاع وقتل المدنيين، وإلى معاناة سكان القطاع.

الخلاف بين الجناح العسكري والسياسي هو أمر بات معروفًا، والسؤال الكبير هو: هل الجناح السياسي قادر بوضعه الحالي ان يفرض على محمد الضيف (قائد الجناح العسكري) وبقية مسؤولي عز الدين القسام وقف المشروع؟ ليس اكيدًا، ورغم ذلك فقبل الدخول في جولة قتال أخرى؛ على إسرائيل ان تستخدم الأدوات غير العسكرية التي تمتلكها لتوقف حفر الأنفاق، إذا لم ينفع التحذير، وإذا لم ينفع الضغط الاقتصادي؛ تستطيع إسرائيل حينها ان تقول في الجولة القادمة انها بذلت قصارى جهدها لتوقف التهديد الذي يحيق بمواطنيها ومنع المساس بالمدنيين.