غزة – " ريال ميديا":
يمتد النشيد على وتر ولغة ، وتنحبس هموم الحال ، الى حين ، بينما يحزم الحزن متاعه لبعض الوقت ، ويدخل جيوب الحاضرين ، فالوقت للإبداع وحسب ، ولطيران الروح عن منضدة الغبار الى السماء الثامنة ، هو الشعر أذن ، هو النغم والكلام الجميل .
في غزة وبعيداً عن شرقها المدمر ، حيث الركام والخيام ، تحاول الحياة أن تمشي في حارات المبدعين ولو على مهلٍ ، لتدخل "جاليري غزة الثقافي" ، وتوزع حصص الأمل على الحاضرين ، ليسمعوا ترانيم الشاعر سليم النفار ، وهو يغزل بالقافية ثوب الماضي والتحدي ، بصوته الجهوري الصنديد ، النابع من ثابته على الثابت الموزون في كفّ مسيرته ، يردد ذات العنفوان المعتاد ، ويقدح حرفين لنار القصيدة ، فتشتعل لغته حباً لفلسطين ، ويطمئن قلبه على أمانة الشهيد الأب ، الذي وضعها في سروة روحه ، فكان ما أراد وأنتصر سليم بإيقاعه المصطفى من حشجرة الفؤاد.
وكذلك عبر بالحضور شاعرنا الرقيق ، شجاع الصفدي ، الذي مازح الحداثة ، بخفة ظل محبري ، لاق استحساناً ، وحاز على انتباهات مشدودة بالرضى ، هناك الحبّ يصير أجمل ، كلما ردده الندى ، على اسوارة الحنين الى الزمن المغسول بمناديل الشوق والصبا ، ولم ينس الشجاع أريكة الحزن لكي يتمدد عليها ، فكانت الأم والحرمان والذي كان ولم يكن سوى ذكرى.
ليأتي من بعدهما شاعرنا الشاب هاني البياري ، ويدلو واثقاً مما جْمعه لغةً ، ليجد جَمعه ، مقبولاً ومتابعاً ، ويزيد في نصوصه عسل الطموح ، واندفاعة الشباب ، ليكون شاعراً مجرباً وليس ناسخاً لأحد ، فالبياري الشاعر ، في ذات اليد اللغوية ، يطوي بحداثةٍ ، ذاته الشعرية ، ليخرج لوحاته وكأنها بصماته المتسللة من درج روحه ، أحسن فكان مرضيا.
ولأنها أمسية شعرية جمعت كبار الأدباء ، كانت على وتر ونغم ، فأم كلثوم المتجلية في موسيقى العود لأيمن أبو عبدو ، تتابع معراجها على ترانيم صلاح ابو حمد ، لتستظل تحت وارف ماهر الجمل ، وتستكمل النغمة بنحجرة الشابة رئيسة حمدان ، ليردد الحضور في حضرة الطرب ، الماضي الأصيل في حاضر تغزله الحياة قرب أمكنة لم تعد سوى أطلال ، ولكنها الحياة دخلت " جاليري غزة الثقافي" من بوابة الاتحاد العام لإتحاد الكتّاب والأدباء في غزة ، لتشد على وتر وقصيد ، وتنشر الأمل في مجايلة مبدعة .
الأمسية الشعرية التي قدم لها الشاعر ناصر رباح ، ورقة عن الشعراء الفرسان، انكسر ظله الشعري ، على النص فقرأ ، ألف باء كل شاعر ، واعطاه لقبه الذي يستحق ، كما اللوز يطيب مع البياض في زهره ، واذا ما اخضر تراه للشفاه أقرب.
ومن ممر معبّد للمستقبل ، يطل اللواء اللغوي غريب عسقلاني ،الأمين العام المساعد لأتحاد الكتّاب، ليقول :" جيل بعد جيل ياغزة ولتستمر الحياة ابداعاً، فالحياة أمل".
منسق النشاط في الإتحاد الشاعر رزق البياري ،ولأنه المنادي والساعي والساقي لهذه الحياة الابداعية ، يحرس بحواسه، غرسه وهو يردد مراده على السامعين ، والناطقين ، والمبدعين ، أن اللغة ، وأهلها المخزون الأوسع لصيرورة شعب ، حمل وطنه مع الريح ، وحملته الرياح للوطن ، هي المسيرة وسنستمر.
ولا هامش في حضرة الأمسية لنقول أن الشاعر الكبير توفيق الحاج ، دخل ببلاغته ليشهد ، أن الشعراء بأجيالهم وتجاربهم ، وسلال غلاتهم الادبية ، كانوا شعراء على مستوى السمع ، وفي القلب.
ولأن الخاتمة مسك فالشعراء لا يستضيفهم غير أهلهم ، فكانت الشاعرة ديانا كمال بإطلالتها الاذاعية والابداعية المعهودة ، صاحبة الجلالة في بلاط الأمسية الجميلة.
هي كذلك أمسية بعنوان :" المجايلة ، جيل بعد جيل .. الإبداع يمتد".
الزمان:الرابع عشر من أيار ، في الخامسة عشر بعد اﻷلفين.
موجتان وشاطيئ
حرفان وقصيدة
وتران واغنية
في غزة اﻷن
الحياة أجمل
أمد - ناصر عطاالله :