أينما تكون الحياة يكون الأمل: تضميد الجراح في صور
تاريخ النشر : 2015-04-06 02:26

غزة – " ريال ميديا":

يصل الأطفال، يتملكهم في البداية شعور بالرهبة من الراشدين المتبسمين لهم الذين يجهلون أسمائهم. يقف الأطفال بهدوء، بعضهم في مجموعات، والبعض الآخر وحيداً ممسكاً بيد أحد والديه أو تعبث أصابعهم بزيهم المدرسي منتظرين الطمأنة، وينتظرون أيهم سيتحرك أولاً وهل يفترض بهم الانضمام إليهم. يقدم الراشدون للأطفال التوجيهات، المواد الحرفية، الكرات المطاطية ويشجعون الأطفال على المشاركة في الألعاب، كما يحاولون حث الأطفال على الضحك. وبشكل حذر جداً، يبدأ الأطفال في الإستجابة، وتبدأ البالونات المطاطية بالانتفاخ، وتبدأ فراشي الرسم بنثر الألوان على الورق الأبيض، وتنطلق الأحاديث في المجموعات الصغيرة المتشاركة.

هؤلاء هم طلبة من اللاجئين الفلسطينيين وعاملون في برنامج الأونروا في إحدى مدارس الأونروا في مدينة غزة. فما يزال فريق برنامج الأونروا للصحة النفسية المجتمعية يعمل، منذ اشتداد صراع الخمسين يوماً في شهر تموز/ يوليو خلال صيف عام 2014، بلا كلل مع أطفال غزة في إطار مبادرة خاصة للتعافي المبكر لمساعدة الأطفال على التكيف في الوقت الذي يحاول فيه هؤلاء الأطفال استيعاب ما شهدوه من عنف ودمار. وينخرط بعض هؤلاء الأطفال اللاجئين في جلسات متكررة مع المرشدين النفسيين في مدارس الأونروا ومراكز التجمع التابعة لها حيث أُجبر الكثير من النازحين على العيش. ويعمل فريق برنامج الأونروا للصحة النفسية المجتمعية بشكل حثيث لتحسين آليات التكيف لدى أطفال غزة. فادي ثابت، لاجئ فلسطيني وأحد المعلمين في الأونروا، استمر في العمل مع فريق البرنامج حيث التقطت عدسته بعض التحول في حالة الأطفال. يقول فادي: "لقد شهد هؤلاء الأطفال الكثير من الصراعات، ولكنهم كبقية أطفال العالم يريدون العيش بسعادة".وعندما قامت الأونروا في 14 سبتمبر 2014 بإعادة فتح المدارس في أعقاب صراع الخمسين يوماً، تم تكريس الأسبوع  الأول لتنفيذ برنامج نفسي ترفيهي شامل لدعم نحو 240,000 طفل فلسطيني لاجئ وأولياء أمورهم الذين تأثروا بتجارب الحرب. تبع ذلك ثلاثة أسابيع من أنشطة التعلم قبل فترة انتقالية مؤدية إلى استئناف المنهاج المعتاد.

وللألعاب دور رئيسي في برنامج الأونروا للصحة النفسية المجتمعية في المدارس. في الفترة الممتدة ما بين يوليو 2014- أبريل 2015، تلقى نحو 18,700 طفل لاجئ إرشاداً فردياً، وشارك أكثر من 21,000 طالب وطالبة في جلسات متخصصة للإرشاد الجماعي نظمها برنامج الأونروا للصحة النفسية المجتمعية.

ويفيد المرشدون النفسيون في مدارس الأونروا أن الكثير من الأطفال في غزة تبرز لديهم مشاكل نفسية وسلوكية ويكابدون في أدائهم الدراسي، وأن ذلك يرتبط بالصراعات المستمرة. وللألعاب دور رئيسي في تشجيع الأطفال على استكشاف مشاعرهم ضمن عمل برنامج الأونروا للصحة النفسية المجتمعية.

وتجد طفلان يراقبان أنشطة برنامج الأونروا للصحة النفسية المجتمعية في مركز تجمع مدرسة البحرين في غزة، وما يزال هذان الطفلان يقيمان هناك بشكل مؤقت بعد تدمير منزلي أسرتيهما في منطقة الشجاعية خلال الصراع الأخير. وفي ذروة فترة الأعمال العدائية خلال صيف عام 2014، لجأ نحو 300,000 نازح إلى مراكز التجمع التابعة للأونروا.

وما تزال الصراعات المسلحة المتكررة تتسبب بآثار نفسية واجتماعية وخيمة لأطفال غزة، وهو ما أفادت به الأونروا ووكالات الأمم المتحدة الأخرى خلال الجزء الأكبر من العقد الماضي. يمكن لصدمة فقدان المنزل، وأفراد الأسرة، والعودة إلى أحياء سكنية مدمرة تقويض شعور الطفل بالثقة في المستقبل.

وقد شهد الكثير من الأطفال في غزة نفس الدمار الهائل والموت كالراشدين خلال فترة الأعمال العدائية في صيف عام 2014، مع مقتل نحو 548 طفلاً وجرح 3,300 آخرين. في أعقاب الأعمال العدائية التي وقعت خلال الصيف الماضي، انتشر المرشدون النفسيون في الأونروا للعمل في 252 مدرسة التابعة للوكالة.

هذا و ما يزال فريق برنامج الأونروا للصحة النفسية المجتمعية يعمل مع اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ عام 2002.