الام هي العزّةُ والفخر والتّاج على الرّؤوس
تاريخ النشر : 2015-03-22 23:03

عباس الجمعه:

يرمز الاحتفال بعيد الأم إلى معانى جميلة ، فمن خلاله يمكن توصيل رسالة تحمل معاني التقدير والحب والعرفان بالجميل إلى الأمهات لفضلهن وصبرهن الذي لا ينفذ حتى فى أحلك الظروف ، وفى هذا اليوم يجتمع شمل أفراد الأسرة حاملين الهدايا لست الحبايب وقلوبهم تنبض وتجيش بحب فياض يغمر كل ما يحيط به بمشاعر من الدفء الأسري الأصيل.

لايمكننا ابدا ان ننسى دور الام في التضحية وما تقدمه من اجل ابنائها فهي المنبع الكبير للحنان والحب ولا يمكن لاي عائلة ان تشعر بالامان بدون وجود الام التي هي دائما ما تكون الصدر الرحب و مخفف الصدمة لكل المشاكل و حافظة الاسرار لجميع الاسرة وتتحمل هموم الدنيا لكي ترعى ابنائها و تصارع كل مصاعب الحياة و تتحدى كل نزوات الرجل ومتطلباته ليكون البيت في جو هادىء لينعم الابناء بالطمأنينة والراحة .

مع تقدم الزمن تشعر الام بمدى ترابط علاقتها الروحية وحبها لابنائها وتشعر بكل ما يشعرون به قبل ان يحدث مما يجعلها بقلق كبير وطبعا هذا القلق مشروع من حق اي ام لانها غريزة الامومة ولكن هل يعي الابناء هذه المحبة وهذا الحرص عليهم .

الام التي عانت وضحت الكثير من اجل ابنائها فهي لازالت تقدم كل حياتها وما تملك لابنائها والامهات اللواتي تحملن فقد أغلى مافي حياتهن – بل كل حياتهن – وفلذة أكبادهن فمنهن من فقدت ابنها وهو يدافع عن أمن وطنه وكرامة قومه ويمنع يد الأرهاب أن تعبث بمستقبل الوطن ومنهن من فقدت ابنها وهو يثور ضد الظلم والفساد والطغيان ليؤمن لجيله وللاجيال اللاحقة مستقبل أفضل تملؤه نسمات الحرية وترفرف عليه روائح العزة والكرامة ومنهن من فقدت ابنها وهو يؤدي دوره الوطني من اجل وطنه.

فالأم الأسيرة تقبع في سجون الاحتلال وحيدة في عالم موحش يحكمه الجلادون تعاني أقسى أنواع الحياة، ومحرومة من ابسط الحقوق. فهي تعيش مرارة السجن المليئة بالمضايقات والاسى.

وامام ذلك اتوقف واقول كيف ستفرح أمهاتنا والاحتلال الصهيوني وعصابات القتل والإجرام تمارس عدوانها الاجرامي على أبناء شعبنا الأعزل والشعوب العربيه ، فهن يستحقين لقب النساء المناضلات عن جدارة وإستحقاق، ولكن علينا ان نقول في يوم عيد الأمّ نطيّر تحياتنا ومحبتنا الى كل أمهات شعبنا وامتنا المناضلات الصابرات اللواتي يسجلن أروع أشكال التضحيات والنضال،وهن ليسوا ككل الأمّهات،بل هم نياشين على رؤوس وصدور كل نساء العالم أجمع، لهن منا التحية والمحبة والوفاء.

فتحية إلى أمي  فلسطين وتحية إلى الأم العربيه صانعة الرجال وهي ترسم البسمة على شفاه أفراد أسرتها جميعا، وتأبى إلا أن ترسمها على شفاه وطنها الجريح، الذي ينزف وجعا من الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة، والقتل والقصف البري والبحري والجوي بشتى أنواعه والدمار والتجريف لبيوت المواطنين واراضيهم الزراعية ومؤسساتهم المدنية وسياسة الإذلال والإهانة التي تلحق بأمهاتنا على الحواجز العسكرية،حيث التفتيشات المذلة والمهينة والتي تنتهك الخصوصية والكرامة، من تفتيش عاري وضربهن، الإستيطان والجدار العنصري ومشاريع التهويد في الضفة الفلسطينية والقدس المحتلة .

امهاتنا بنات فلسطين وحارسات حلمها،فعلينا ان نجلهن ونحترمهن،وأن نقيم لهن التماثيل وأقواس النصر،وان نصونهن أيضاً بحدقات عيوننا،فهن من نعتز ونفخر بهن دائماً،فهن صانعات الرجال والأبطال،رجال فلسطين وحماتها،منهم الشهيد ومنهم من ينتظر،ومنهم الأسيروالجريح،ومنهم المناضل والعامل والفلاح والمثقف والمتعلم والقائد الوطني والسياسي وغيرهم،هؤلاء هم رجال فلسطين الذين انجبتهم امهاتنا، من انجبت الام العربية ،فمثل هؤلاء الأمهات،من يستحقن النياشين والأوسمة عن جدارة وإستحقاق،والأم التي كرمتها الأديان السماوية وقدمها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام في الرعاية والتكريم والمحبة على الرجل ،أن ينحني لها إجلالاً واحتراماً وتقديرا ومحبة.

وتحية خاصة للأم الإعلامية التي سطرت وما زالت تسطر أروع عبارات الصمود وهي تتنقل بين  الدمار وتحت أزيز الطائرات، تنبض قلوبها بل ترتجف خوفا على فلذات أكبادها، تقهر الرجفة بالتقدم إلى الأمام ومواجهة الأخطار بقلب ثابت وضمير يقظ وعقل متفتح.

الامهات قدمن كل شيء للوطن، يمسحن اليوم دموعهن، وتحملهن الذكرى إلى أولئك الرجال الذين غيبتهم الشهادة، أو ظلم السجان، أو أصابت قلوبهن حسرة الإعاقة لأحد أولادهن أو لأكثر من واحد، لقب كان اصغر من أن يتسع لتلك التضحيات، لقب اصغر من تلك الدماء التي نزفت واقصر من تلك الليالي الطويلة خلف القضبان، واقل من ارتفاع ذلك السرير في إحدى المشافي، فلسطينيات كن اكبر من تلك الألقاب ، تلفتن حولهن فلم يشاهدن أولادهن ، تأملن في واقعهن فأعيت قلوبهن الذكرى.

ان دمعة الأم التي تشتكي فيها إلى ابنها بجروح القلب المثقل بالوجع والأنين بطول الفراق وفقدان الأحبة، بالصبر الذي رسم على صفحات وجهها الثمانيني حكايات وحكايات عاشتها منذ صباها مع الاحتلال، فكانت حرة وبقيت حرة وأنجبت احرارا هي أم الشهداء كل الشهداء.

رغم كل ذلك من حق امنا الفلسطينية،أن تفرح وان تحتفل بعيد الأم،فهي الأحق بهذا الإحتفال،فهي من يدفع الثمن أضعاف ،ما تدفعه اي ام اخرى في العالم،فتكريم الأمهات الفلسطينيات واجب وحق علينا،كما هو واجب وحق علينا تكريم شهدائنا واسرانا ومناضلينا وعائلاتهم.

اليوم لا أريدك أماً كباقي الأمهات، فأنت من علمتنا أن أولى صرخات الثورة تولد من رحمك أنت، أيتها الفلسطينية .. أيتها الام العربية التي علمتي ابنائك ان يكونوا مناضلين .

الام والمرأة إذا ذبل عقلها ومات ، ذبل عقل الأمة بكاملها وماتت ، المرأة أمل كل رجل في الحياة ، المرأة تدرك في دقيقة ، مالا يدركه الرجل في حياته كلها ،المرأة  أحلى هدية أعطيت للرجل في هذه الحياة ، فهي الام زهرة الربيع ،وفتاة الدنيا ، وروح الحياة المرأة والام المنبع الفياض للحب في هذه الحياة ،المرأة يمكنها أن تخلص كل الإخلاص ، لذلك اقول الام والمرأة هما زهرة لا يفوح أريجها إلا في الظل فهما مصدراً السعادة ، فهما جوهرة الجمبلة .

وفي عيد الأم أستحضر طيف أمي البعيدة في عالم الخلود فيتجدد الحب ويتأصل الوفاء لتلك الغائبة والساكنة في الروح والوجدان، ويتطور هذا الحب وهذا الوفاء وتمتد أذرعه الى اماكن أخرى ، نعم يا أماه أشتاق اليك أكثر، أشتاق الى لمسات يديك، لعينيك الساهرتين أبدا على راحتينا، عينيك اللتين ما نامتا يوما، أحس ببريقهما وأفهم معانيهما،فاليك يا أمي في ضريحك ورقدتك الأبدية الف تحية لروحك الطاهرة ، واسمحي لي ان اهنئ الأمهات بطاقة حب مضمخة بعبير الزعتر واريج الورد والريحان و أم الشهيد التي دفعت بأبنائها إلى معترك المواجهة مع العدو الصهيوني والارهاب التكفيري ونالت شرف وكرم أم الشهيد.

أن إلام بالنسبة لشعبنا وشعوب امتنا مفعمة بلون مغاير للعالم بأسره، فهي أم الشهيد والأسير والجريح والمطارد وتكتوي بنار الاحتلالوالارهاب ، فهي تجسد معاناة شعب بأسره فهي التي تنجب كل هؤلاء وهي التي توفر لهم التربية والحماية ومن ثم فهي التي تودعهم لدى استشهادهم، فكل أم فلسطينية وعربيه لها حكاية ونموذج للمعاناة، وكل هذه المعاني والصفات حملتها وقدمتها المرأة بعناوين وأدوات مختلفة.

الام هي العزّةُ للوطن والفخر للأمّة والتّاج على الرّؤوس، وألف ألف كلمة شكر لامهاتنا لا تفيهنّ حقهنّ في عيد الام، لا بد من الاضاءة على دورها وأثره في المجتمع الذي لا يصلح إلا بصلاحها، في عيد الام.

لذلك اقول الأم مدرسة إذا اعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق , هي ليست مجرد كلمات عابرة أو مطلع قصيدة وطنية هي حقيقة وأمر واقع في وطني هي فكر ونهج , حيث أثبتت الأم االفلسطينية واللبنانية والعربية  أنها إنسانة عظيمة، عظيمة في عطائها، عظيمة في تضحياتها، عظيمة في وفائها، لم تعد الأم مجرد امرأة تربي أبنائها أو تهتم بهم وترعى شؤونهم، لقد تحولت الأم إلى رمز للعطاء والتضحية , كيف لا وهي تربي أولادها على أن حب الوطن من الإيمان وأن الشهادة هي طريق النصر وأن لا شيء أغلى من تراب الوطن.

اليوم تستحق أمي الفلسطينية والعربية تحية، وانحنائنا إجلالاً لصمودها الصخري، فعيد تلك المرأة التي حملت بأحشائها نبياً طاهراً، و أحيى نبض عروقها مياه بحر ، هي ذاتها التي تلفحت بنسيمات وعبق وهواء فلسطين ولبنان وسوريا والعراق ومصر والاردن وتونس والبحرين وليبيا واليمن والى امهات العالم ، لك يا ايتها الأم المضحية نقول ، إنك المثل الأعلى والرمز الأغلى , وكلنا ننحي لك يا أم الشهيد لنقبل يدك التي ربت الأبناء على حب الوطن والفداء فلك منا السلام.

ختاما : ألف تحية للمرأة الفلسطينية والعربية الصامدة، التي رغم تجرعها لكل أشكال وأنواع القهر والظلم، وعلينا جميعا ان ننحي لما قدمته من تضحيات عجز الرجال في كثير من الأحيان عن تقديمها، في المقاومة، والصبر، والتحدي، بالإضافة إلى تقديمها يد العون لأبنائها الأبطال في سجون الاحتلال، الذين يواجهون قسوة الاحتلال الصهيوني الذي سلبهم الحرية والعيش بين أسرهم، ونقول لها ستبقي وردة مشرقة متفتحة تأبى الذبول رغم الوجع والمشقة المتواصل عليها ، وكل عام وانتم بخير.

كاتب فلسطسني مقيم في لبنان: