الخميس 18 ابريل 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

استغلال العاملات..

إنسانية مفقودة.. وأجور لا تسمن ولا تغني من جوع

موظفات بـ( 500) شيقل شهريا

  • 01:40 AM

  • 2015-02-19

جنين – " ريال ميديا":

تمكنت أمل القاسم من الحصول على وظيفة معلمة في إحدى رياض الأطفال بعد اربع سنوات من البطالة، ولكن فرحتها لم تكتمل بعد عرفت أن راتبها سيكون 500 شيقل شهريًّا بمعدل 20 شيقلاً يوميًّا لسبع ساعات عمل.
أمل تخرجت من كلية الاقتصاد جامعة النجاح الوطنية عام 2008، لتجبر بعد ذلك على العمل براتب متدن لتساعد زوجها في تلبية احتياجات المنزل، تاركةً خلفها ابنتها "حلا" البالغة من العمر ثلاثة أعوام "تحت رحمة الجارات".
أما لبنى خلف تعمل في مكتبة لإحدى الجامعات منذ عام، وتحصل على ما يقارب أربعة شواقل فقط لكل ساعة عمل، حيث تقوم بتصوير الوثائق والكتب والامتحانات وغيرها لطلاب والطالبات، إضافة إلى أعمال التنظيف.
وعن محاولاتها مع صاحب العمل لزيادة راتبها تقول: استخدمت العديد من الطرق لإقناعه بأن الجهد الذي أقوم به لا يناسب راتبي ولكنه هددني بالطرد واستبدالي بمن تقبل أقل مني، فرضخت للأمر ولساني حالي يقول: "ريحة الجوز ولا عدمه".
ولا يختلف حال روند شلبي عن أمل لبنى، حيث تخرجت من الجامعة العربية الامريكية تخصص اللغة عربية والإعلام وعملت في مكتب صحيفة بجنين، وكانت تتقاضى 200 دولار شهريًّا فقط.
وعن السبب الذي دفعها للعمل بأجر بسيط تقول: "عملت بأقل من الحد الأدنى للأجور لأمارس مهنتي، وبالنسبة لي العمل في مجال تخصصي تحديدًا أفضل من الجلوس في البيت ولعن حظي".
وتضيف:" الأجور في جنين بشكل عام متدنية مهما كانت المؤسسة او الشركة وبالتالي أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام".
أما العاملة في مشغل للخياطة في طوباس وفاء حسن فتقول: أنا أعمل بأجر 40 شيقلاً يوميًّا في مشغل للخياطة، ولدينا سبعة أولاد وراتب زوجي لا يغطي كل حوائج البيت وخاصة أن لدينا ابنين يدرسان بالجامعة، فالأربعون شيقلاً تساعدنا في مصروف البيت على الأقل".
لماذا أعمل؟
قبول الفتيات براتب اقل من الحد الأدنى للأجور انتهاك لحقوقهن الأساسية وفق القوانين الدولية وبالتحديد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي يعتبره انتهاكًا لحقوقها كإنسانة وعبارة عن استغلال لجهدها بأقل الرواتب.
وترى لمياء الشعراوي الناشطة في مجال حقوق المرأة بالخليل أن الحاجة الاقتصادية تجبر المرأة على القبول بأقل مما تستحق، خصوصًا اذا كانت هي المعيلة الوحيدة لنفسها او كانت مطلقة أو أرملة وتقع على عاتقها مسؤولية إعالة آخرين، إضافة إلى عدم وجود وعي بقانون الحد الادنى للأجور، وعدم القدرة على المطالبة بأكثر من ذلك.
وتوضح براءة شرقاوي الناشطة في حقوق المرأة في جنين أن بعض الفتيات تقبل بالعمل بأجور متدنية رغبة بالخروج من المنزل للتنفيس عن طاقتها والهروب من جو البيت المحبط لها، سواءً بسبب المشاكل العائلية أو حرمانها حقوقها وحتى من المصروف او مستلزمات أساسية، والضغط عليها بأمور هي لا ترغبها وهذا يدفعها الى الخروج من المنزل والعمل حتى لو بأقل الأجور، فالراتب في هذه الحالة لا يهمها بقدر أن تكون بعيدة عن مشاكل بيتها.
أرباب العمل.. الأجور منطقية!
صاحب محل تجاري في جنين يرفض اتهامه باستغلال عمل الفتيات بأجور متدنية بقوله: "انا لا أستغل أحدًا، لأني أقول للفتاة قبل أن تبدأ عملها بأن راتبك 500 او 600 شيقل وهي توافق، فأين الاستغلال؟ 
ويعتبر نبيل شحاد مدير إحدى رياض الأطفال أن الاجور مناسبة للفتيات والتي حسب دورهن الاجتماعي لسن مسؤولات عن بيوت وعملهن يكون فقط للتسلية أو اثبات الذات. كما يرى شحادة.
ويرى صاحب مكتبة في مدينة جنين أنه لا يظلم الفتيات بهذا الراتب حتى لو اعتبره البعض قليلاً، فالأجور تتبع لحركة السوق والاقتصاد في البلد والراتب مناسب لهذه الحركة وبالتالي الأجور منطقية!
ويرى مسؤول مخيطة في طوباس "م.ع" أن أجور الخياطات مناسبة لسهولة العمل، وزيادة الاجور عن 40 شيقلا لثماني ساعات عمل تسبب له الخسارة، كما يقول.
ويضيف "م.ع": في أي عمل هناك قبول من طرفي العمل، و"الخياطة" تقبل بـ 40 شيقلاً أجرة يومية فتوافق"، وكانت هناك مطالبات من االعاملات بزيادة أجورهن لكن السوق عرض وطلب وكل قطعة ملابس سعرها معروف و"محروق" بالسوق" فلا أستطيع زيادة أجورهن إلا إذا زاد سعر قطع الملابس. 
القانون ماذا يقول؟
وتكشف المؤشرات الاقتصادية عن وجود فجوة بين أجور المرأة والرجل، حيث بلغ معدل الأجرة اليومية للنساء 67.9 شيقل، وللرجال 79.8 شيفل لعام 2005، وهذا ما أكدته خطة التنمية الفلسطينية متوسطة المدى لعام 2006-2008.
وينص قانون العمل الفلسطيني الذي وقعت أطراف العمل الثلاثة: القطاع الخاص، والنقابات العمالية، والحكومة، على أن يكون الحد الأدنى للأجور في جميع مناطق السلطة الوطنية وفي جميع القطاعات 1450 شيقلاً، وأن يكون الحد الأدنى للأجور لعمال المياومة، خاصة العاملين بشكل يومي غير منتظم إضافة إلى العمال الموسميين، 65 شيقلاً يوميًّا، وأن يكون الحد الأدنى للأجور لساعة العمل الواحدة للعامل 8.5 شيقل.
ويؤكد المحامي أحمد أبو زينة أن عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور مخالفة صريحة لأحكام قانون العمل والأنظمة والقرارات والتعليمات الصادرة بمقتضاه، حيث نص قانون العمل في المادة (132) منه على: (يعاقب صاحب العمل على مخالفة أي من أحكام الفصل الثالث من الباب الخامس وأي نظام صادر بمقتضاه أو بغرامة لا تقل عن (50) دينارًا ولا تزيد على (100) دينار مع إلزامه بدفع فرق الأجر للعامل، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة).
ويضيف: أن أي مخالفة من قبل صاحب العمل للأحكام الخاصة بالأجور، بما في ذلك عدم التزامه بدفع الحد الأدنى للأجور، يترتب عليها أن يعاقب صاحب العمل بالعقوبة السابقة، إضافة إلى إلزامه بدفع فرق الأجر أي الفرق بين الحد الأدنى من الأجور والأجر الذي دفعه فعلاً للعامل.
وحول آلية الرقابة على العمل، يوضح أبو زينة: ينبغي على دائرة التفتيش في وزراة العمل أن تفعل دورها وأن يكون لديها عدد كاف من الموظفين لتتمكن من متابعة مخالفات أصحاب العمل في هذا الشأن.
كيف سأعاقب جلادي؟
تقول اسراء البرغوثي التي عملت لمدة ستة أشهر في مدرسة خاصة برام الله، براتب أقل من الحد الأدنى للأجور: "لم تكن مشكلتي فقط أن الراتب أقل من الحد الأدنى، فرغم توقيعي على عقد للعمل لمدة سنة إلى اني طردت بعد ستة أشهر وأجبرتني المديرة على توقيع ورقة تنص على أنني انا التي طالبت بالاستقالة واتنازل عن كامل حقوقي، واستبدلتني بمن تقبل راتبًا أقل".
وعند سؤالنا لها لماذا لم تتوجهي لإحدى الجهات وتطالبي بحقك؟ أخبرتنا أنها لم تكن تعرف كيف تتصرف في مثل هذه الحالة، ولم تكن تعلم أن هذا طرد تعسفي.
ويطالب مدير مديرية وزارة العمل في محافظة طوباس والأغوار الشمالية محمد عبد القادر أي موظفة أو عاملة تتعرض لاستغلال وتتقاضى أجرًا متدنيًا بأن تتوجه لمديريات وزارة العمل في المحافظات وتقدم شكوى ضد رب العمل لتتخذ الوزارة الإجراءات اللازمة بحق المستغل وخاصة إذا كان الأجر يتعارض مع قانون الحد الأدنى للأجور.
ويوضح: إننا كمديريات لوزارة العمل لا نعرف حال الموظفات او العاملات المستغلات بأجور متدنية لأنهن لا يتقدمن بشكاوى ضد المستغل خوفًا على وظائفهن في ظل تناقص فرص التوظيف، لكن هذا لا يعني السكوت عن حقهن والسماح باستغلالهن.
ويؤكد عبد القادر: لو تقدمت 10 موظفات بشكاوى ضد مستغليهم من حيث الأجور في كل محافظة على امتداد الوطن، تلقائيًّا سنتخذ إجراءات قانونية بحق المستغلين، وستكون لدينا قوة ردع لكل من تسول له نفسه باستغلال العمال والخريجين، للقضاء على ظاهرة الاستغلال تدريجيًّا.
ويرى عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين وسكرتير مجلس لوائي محافظة طوباس والأغوار الشمالية إبراهيم دراغمة أن النقابة لا تستطيع اتخاذ أي إجراء ضد رب العمل إلا إذا تقدمت الموظفة أو العاملة التي تتقاضى أجرًا أقل من الحد الأدنى للأجور بشكوى ضده.
ويؤكد أنه في حالة توجهت أي موظفة للنقابة بشكوى ضد ربِ عملها، تجبره النقابة على دفع الحد الأدنى لها خلال الشهر الذي قدمت به الشكوى، وإذا كانت تعمل معه منذ مدة طويلة ويحاسبها بأقل من الحد الأدنى للأجور فالنقابة تجبره بقوة القانون أن يدفع الفارق ليصل للحد الأدنى منذ صدور القرار عام 2013 بأثر رجعي، ومثل هذه القضايا تبت بالمحكمة خلال عدة أيام لوضوح عدالتها.
لماذا لا أطالب بحقي؟
وتعزو الناشطة في مجال حقوق المرأة لمياء شعراوي عدم توجه العاملات للنقابات المختلفة إلى أسباب كثيرة منها الضغط الذي تتعرض له من الاهل لئلا تخسر وظيفتها أو عملها، وربما لعدم الثقة في تحصيل الحق عن طريق النقابة ما يدفع الكثيرات لعدم المطالبة.
وتطالب شعراوي النقابات العمالية المختلفة بأن تبني جسور ثقة بينها وبين العاملات لتمكينهن من المطالبة بحقوقهن، داعيةً العاملات للمطالبة بحقوقهن وتحييد اي ضغوطات تمنعها من حصولها على حقها.
وتقول أسماء خروب مديرة النوع الاجتماعي في الحكم المحلي في جنين: إن المرأة العاملة في حالة تعرضها لاستغلال صاحب العمل فإنها لا تلجأ في الغالب للنقابات العمالية لتحصيل استحقاقاتها المطلبية والمالية جراء خجلها، أو جهلها بحقوقها وقلة الوعي أو بسبب العوز والحاجة للعمل.
وتضيف: أن الاتحاد العام لنقابات العمال يعنى بأمور العمال والعاملات ويوجد فرع للنقابة في كل محافظة وفي كل فرع يوجد دائرة مرأة تعنى بأمور العاملات وتزورهن في مواقع العمل، وبعض العاملات ترفع قضيتها للنقابة التي بدورها تتابع موضوعها مع الجهة التي يتم الشكوى ضدها. 
ويوافق دراغمة الرأي بأن المشكلة في قلة وعي العاملات بحقوقهن، واللواتي لا يعرفن أن الحد الأدنى للأجور 1450 شيقلاً ويشمل ذلك القطاعين الحكومي والخاص على حد سواء.
ومثال على عدم معرفة الفتيات بحقوقهن ما قالته لنا حنين أبو عرة والتي تتقاضى 500 شيقل شهريًّا في عملها بإحدى رياض الأطفال، انها لم تفكر يومًا باللجوء إلى النقابات او القانون للمطاللبة بحقها، لأنها لا تتوقع أن بمقدورهم رفع أجور العاملات في رياض الأطفال، كونها قطاعًا خاصًّا!
وحول دور الجمعيات النسوية في تثقيف وتوعية الفتيات بحقوقهن تقول منال أبو علي رئيسة جمعية المرأة للريادة والإبداع: "جمعيتنا تصب كل اهتمامها وتسخر عملها وأهدافها من أجل المرأة ونبدأ من مرحلة التثقيف والوعي، والجانب اﻻقتصادي للمرأة هو أحد أهم الجوانب التي نركز عليها ونسعى جاهدين لجعل المرأة ريادية وصاحبة قراراتها العملية ولذلك نحن دائمًا وابدًا نطرح ونضع موضوع تدني الأجور على المحك".
وتضيف أبو علي أنهم يبذلون كل الجهد بالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص والفئة المستهدفة للتقليل من ظاهرة استغلال العاملات والتي تعبر من أكثر الظواهر السلبية التي تتعرض لها المرأة.
وتكشف أن جمعية المرأة للريادة والإبداع تعتزم عقد ورش وفعاليات وأنشطة تتناول قانونية عقود العمل.
وعلى الرغم من وجود قانون العمل الذي جاء لحماية حقوق العمال، ووجود النقابات العمالية المختلفة إلى أن الفتيات العاملات وقعن ضحية استغلال أصحاب العمل، ليُستغل جهدهن وإبداعهن الكامل بشواقل معدودة، وربما هي الحاجة القوية التي أجبرتهن على التمسك بعملهن رغم قلة الأجر، لتخبرنا أمل القاسم في نهاية كلامها:" ما رمانا على المر إلا الأمر منه".

 ولاء عمرية وإسلام باسم: 

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات