الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

شقة لندنية.. وخرزة زرقاء.. وبخور

  • 03:40 AM

  • 2016-06-18

فؤاد أبو حجلة :

كان الأسبوع الماضي حافلا بالأخبار الطريفة، وقد لفت انتباهي خبران فلسطينيان تناول أحدهما ما كتبه المحرر السياسي لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" في نقد مقالة للكاتب جهاد الخازن أشار فيها إلى عدم الرضى الخليجي عن سيادة الرئيس المخلد "أبو مازن".
على غير عادته، كان محرر "وفا" ساخنا في تعليقه، وقد خرج عن النص المألوف في لغة الوكالة الرسمية عندما هاجم الخازن واصفا إياه بالبذاءة لأنه تطاول على سيادة الرئيس، وسمح لنفسه الأمارة بالسوء أن تكسر العرف بنقد مسؤول عربي.
لكن، وبغض النظر عن تفاهة تعليق المحرر النحرير، فإن ما كتبه، بايعاز من جهات عليا، يعبر عن احتقان مطير للعقل في أوساط الرئيس وشلته المتحلقة حوله في المقاطعة، بحيث أن النظام الرسمي الفلسطيني الذي يعتز بفشله حين يؤكد اعتداده بكونه جزءا من النظام الرسمي العربي، لم يعد يحتمل حتى مقالة يكتبها صحفي في المهجر.
صحيح أنه ليس لدى الرئيس من يكاتبه، لكن هناك من يكتب عنه، هجوما ودفاعا. وصحيح أن سيادته لا يمتلك القرار، لكنه حاضر دائما في صفحات الأخبار.. ويبدو هذا كافيا وملائما للمشروع التسووي التصفوي للقضية الفلسطينية.
بعد يومين فقط من مهزلة المحرر السياسي، فاجأتنا مواقع إخبارية وقنوات تلفزيونية غير محبة للسيد الرئيس وأنجاله بخبر طريف يؤكد بالوثائق شراء طارق محمود عباس شقة في لندن بمبلغ مليون ونصف المليون دولار.. يا للهول!!
بالطبع، اعتبر مروجو خبر شراء نجل الرئيس المحمي من الحسد شقة بهذا المبلغ دليلا دامغا على فساده، ولم ينتبه المروجون والناشرون إلى حقيقة أن أي سمسار صغير في دولة عربية فقيرة يمتلك أكثر من شقة في لندن، ومنهم من لا يكتفي بالشقق فيتملك القصور اللندنية.. من حر ماله بالطبع، ناهيك عن أحوال أنجال الرؤساء المحميين من العين، والذين يشترون الشقق في شمال البلاد وجنوبها ثم "يفتحوها على بعض".
بصراحة أضحكتني السذاجة في تناول الموضوع، وساءني أن يتم تصغير الفساد واختصاره في شقة لندنية صغيرة على بابها خرزة زرقاء. فالفساد المالي والإداري في السلطة الفلسطينية أكبر من ذلك بكثير، ويقاس بالمليارات وليس بملايين الدولارات، وهذا طبيعي جدا لأن النظام الفلسطيني هو جزء من النظام الرسمي العربي الفاسد. وإذا كان ممكنا تقدير حجم الفساد في الدول العربية الغنية والفقيرة فإنه ليس ممكنا قراءة أرقامها التي تزيد عن الخانات الموجودة في الحواسب الرقمية.
كما أن "شقة طارق" في لندن، لا تقترب في خطورتها من شقق أخرى يتم فيها عقد الصفقات السياسية والأمنية بين أركان السلطة وأطراف كثيرة، في سياق الجهد السلطوي للإبقاء على الأمر الواقع الذي يحشر فلسطينيي الضفة بين بطش الاحتلال وقمع الأمن السلطوي الدايتوني.
هناك فساد مالي وإداري أكبر كثيرا من مساحة شقة طارق، وهناك فساد سياسي واتفاقات أمنية أخطر كثيرا من اتفاق عقد شراء شقة.
لكن التسلية تظل مطلوبة في رمضان، والأخبار الخفيفة تبدد العطش والجوع.
ولأن شهر رمضان يتميز في بلادنا بنشاط الدراما التلفزيونية، فقد لفت انتباهي إنتاج حلقات جديدة من مسلسل "ليالي المصالحة الوطنية".
تركز الحلقات الرمضانية على اللقاءات التفاوضية بين ممثلين لبعض فتح وممثلين لبعض حماس، في قطر، في جلسات يؤدي فيها الممثلون أدوارهم بإبداع ملفت، ولكنه غير مستغرب، لأن المشاركين في هذه اللقاءات ممثلون مخضرمون وهم من النجوم التفاوضية التي يحرص الجمهور على متابعة أدائها من باب التسلية. ويبدو أن اختيار الدوحة كعاصمة للحوار يجيء من باب الانسجام مع طقوس الشهر الفضيل التي يناسبها حرق البخور القطري. وربما يتمكن المتفاوضون من توقيع اتفاق المصالحة في ليلة القدر.
لم يستح هؤلاء من خصامهم على حساب شعبهم سنوات طويلة ومرة، ولم يستحوا من تنقلهم بين العواصم لتحقيق مصالحة مرضية للدول الراعية لهم. وهم معروفون بخطابهم التصعيدي في الداخل الفلسطيني وخطابهم التبريدي في الخارج العربي، حتى كدنا نظن أن لكل واحد منهم لسانان.
سخافة ما بعدها سخافة.. هذا هو حالنا في رمضان، وكل عام وأنتم بخير.

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لموقع " ريال ميديا "

 

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات