الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

من عامل في المستوطنات إلى ريادي في تصدير الأعشاب الطبية

  • 03:37 AM

  • 2015-02-09

الخليل– " ريال ميديا":

"لا يوجد في الحياة مستحيل"... عبارة وضعها المزارع موسى محمد دراغمة (40 عاما) نصب عينيه عندما حرم في شبابه من إكمال حلمه بالدراسة في جامعة الخليل بسبب الظروف المادية الصعبة لعائلته.
وقرر دراغمة التوجه للعمل في إحدى المستوطنات الإسرائيلية القريبة من بلدته تياسير، وهناك تعلم زراعة الأعشاب الطبية، حيث ترك المستوطنة وعاد لزراعتها في طوباس ليصبح واحدا من كبار أصحاب شركات تصدير الأعشاب الطبية للعالم.
وقرر دراغمة ترك دراسته الجامعية والتخلي عن حلمه الأول، لمساعدة عائلته على تخطي الظروف المادية الصعبة، وعمل الرجل لعشر سنوات عاملا في المستوطنات الإسرائيلية في زراعة الأعشاب الطبية، فاكتسب خبرة كبيرة في هذا المجال، الذي كان وقتها غير معروفة زراعته في الضفة الغربية.
وبعد معاناة العمل في المستوطنات الإسرائيلية، قرر دراغمة الخوض في مجال العمل الخاص والاستفادة من الخبرة التي اكتسبها من العمل في المستوطنات، فما كان منه إلا نقلها والاستفادة منها في الضفة الغربية.
ضَمِن دراغمة عددا محدودا من الدونمات الزراعية وزرعها ببعض أنواع الأعشاب الطبية، ومن ثم أنشأ "بيت تعبئة" بسيط للأعشاب الطبية في مخزن تابع لمنزل شقيقه في الطابق الأرضي، وانطلق منه للعمل.
ويقول دراغمة: "كان بيت التعبئة بمخزن شقيقي موطئ قدم لي، وبصيص أمل نحو مستقبل واعد مكلل بالنجاح والازدهار والتطور".
ويضيف دراغمة: "البداية كانت صعبة جدا، بدأت من الصفر وبإمكانيات بسيطة، لكن بالطموح والإرادة تغلبت على جميع الصعاب المادية التي واجهتني، لتحقيق ما خططت له".
ويتابع دراغمة "لم استطع توفير كل مستلزمات بيت التعبئة، من برادات وأدوات وطاولات ومستلزمات، وكانت مساحته صغيرة جدا تبلغ (4*6) لا تكاد تتسع لخمسة أشخاص، وبقيت على هذا الحال لعام 2010".
ويتابع دراغمة في عام 2010 حصل تتطور ملحوظ على مسيرة حياتي، فلقد استطعت تجميع بعض المال، وقمت بتطوير عملي، وانشات بيت تعبئة في قرية النصارية شرق مدينة نابلس، بعد أن زادت المساحات المزروعة بالعديد من أصناف الأعشاب الطبية وأصبح هناك ضرورة لتوسيع بيت التعبئة.
وما ساعده على التطور والتوسع انه أصبح هناك تقبل من قبل المزارعين على زراعة الأعشاب الطبية، بعد أن كانوا يعتمدون على الزراعات التقليدية رافضين زراعة هكذا محاصيل غير مشهورة.
واعتبر دراغمة عام 2010 ثورة في الزراعة حيث جرى خلال هذا العام تحول في منطقته، من الزراعة التقليدية التي اعتاد المزارع على زراعتها وورثها عن أجداده إلى زراعة أنواع أخرى وهي الأعشاب الطبية وتصديرها رغم أنها بدأت بمحاولات خجولة ومتواضعة.
لكن ظروفا جوية في شتاء عام 2012، عادت بدراغمة ومشروعه إلى الوراء وتراكم الديون بعد أن اقتلعت العاصفة الجوية التي اجتاحت قرية النصارية في ذاك العام، 80 بيتا بلاستيكيا مزروعا بالأعشاب الطبية لدراغمة.
ولم يستسلم دراغمة، وقام بإصلاح حوالي 40 دونما منها، للنهوض مرة أخرى، ونقل بيت التعبئة إلى بلدته تياسير، وبدأ بتطوير المشروع أكثر ليصبح لديه واحد من اكبر بيوت التعبئة النموذجية في الضفة الغربية.
وبعد دراسة لوضع العرض والطلب في السوق الخارجي من منتوج الأعشاب الطبية، طور دراغمة مشروعه ليصبح في عام 2012، شركة "جنة عدن" لتصدير وتسويق الأعشاب الطبية.
وتقوم شركة "جنة عدن" بفرز الأعشاب الطبية على أيدي شباب مهرة، وتمريرها عبر عدة برادات على مراحل مختلفة ضمن المواصفات والمقاييس العالمية، لإيصالها إلى درجات حرارة مختلفة، لحفظها ومساعدتها على البقاء من اجل التصدير، ومن ثم تغليفها ووضعها في صناديق خاصة، وفحصها وجعلها مطابقة للمواصفات والمقاييس العالمية، وثم شحنها عبر المطار الإسرائيلي أو المعابر الأردنية، لتصديرها إلى الخارج.
ويعمل في شركة جنة عدن الآن حوالي خمسين عاملا دائما فيها، إضافة إلى تشغيل العشرات في زراعة الأعشاب الطبية وقطفها ورعايتها، وتصديرها إلى الخارج.
وخلال الفترة القصيرة لإنشاء الشركة استطاعت استثمار حوالي 250 دونما، من البيوت البلاستيكية المزروعة بالأعشاب الطبية لصالحها فضلا عن عشرات الدونمات المزروعة التي تقوم الشركة بتسويق إنتاجها من الأعشاب الطبية في الضفة.
يقول إن مناخ فلسطين قد ساعد على نمو وتطور ونجاح شركته، حيث ان الأعشاب الطبية تزرع على مدار أشهر وفصول العام.
ويمضي دراغمة قائلا إن الأرض الزراعية بمثابة بترول فلسطين ويجب الاهتمام بها، واستغلالها والاستفادة من خيراتها في وضع فلسطين على الخارطة الدولية.
ولم يكتف دراغمة بتحقيق هذا الإنجاز، بل ما زال دراغمة يبحث عن النجاح أكثر، ويريد توسعة المساحات المزروعة بالأعشاب الطبية، لذلك جعل ضمن خطته المستقبلية التوجه لتشجيع مزارعي محافظة طولكرم وحثهم على زراعة هذا الصنف من الزراعات.
ويشير دراغمة إلى انه منذ بداية عمله كان يعتمد على المنتجات الإسرائيلية بشكل كامل، وهو ما قام بمحاولة تغييره ليصبح 80 % من اعتماده الأساسي في مستلزماته اليومية على المنتجات الفلسطينية، مثل مواد التعبئة والتغليف والكرتون والنايلون.
ويذكر دراغمة أن هناك عدة صعوبات واجهته في عمله الأخير بشركة "جنة عدن"، لتصدير وتسويق الأعشاب الطبية متمثلة في السياسات الإسرائيلية المتبعة في الضفة، وسيطرة إسرائيل على المعابر والطيران وإقامة الحواجز التي تعطل سير التصدير بسهولة. 
كما أنها تتحكم في بعض المستلزمات اليومية للشركة من أسمدة وأدوية وغيرها.
ويفتخر دراغمة بأنه استطاع في هذه الفترة الزمنية القصيرة وضع منتجات فلسطين من الأعشاب الطبية على رفوف المتاجر والمحلات المنتشرة في الدول الأوروبية.
وبذلك يكون دراغمة قد حقق ذاته، واحدث تغييرا على المستوى الشخصي والمجتمعي و الإنساني والزراعي، حيث شجع على زراعة صنف جديد لم يكن من ضمن الأصناف الزراعية المتعارف عليها في المنطقة، وأوجد عملا لعشرات الأفراد من سكان محافظة طوباس والأغوار الشمالية.
ووجه دراغمة رسالة إلى الحكومة الفلسطينية مطالبا فيها توفير مشاريع استثمارية انتاجية مستدامة للشباب العاطلين عن العمل، للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، "لأن البلد الفقير لن يستطيع تحقيق القوة، عكس البلد القوي الذي يفرض سياسته على الجميع".
وفتح الأسواق وبناء الجسور، ليستطيع الفلسطيني التغيير بالصورة النمطية المتولدة عند الغرب بأن الفلسطيني إرهابي.
ووجه دراغمة الشكر للمهندس عصام أبو خيزران الذي قدم للمزارعين الدعم المعنوي والإرشادي بكيفية التعامل مع الأعشاب الطبية وتصديرها. وحث الشباب على الجهد والمثابرة وتحدي الظروف لإثبات النفس وإيجاد العمل لأنه لا يوجد شيء في الحياة مستحيل.
من جانبه، يقول المهندس الزراعي سلطان خلف المدير العام لشركة "فرش بال للزراعة" حيث تقوم "جنة عدن" بتسويق إنتاجهم، أن "جنة عدن" تعتبر المسوق الرئيسي لقطاع الأعشاب في فلسطين، إضافة إلى عملها الدائم على فتح الأسواق التصديرية الجديدة، وإدخال أصناف جديدة منافسة في السوق الخارجي.
ويضيف إن هناك سلاسة في العمل مع "جنة عدن" كموردين، إضافة إلى تناغم كامل في تقسيم الأدوار للوصول إلى المنتج النهائي عالي الجودة.

حياة وسوق - ميساء بشارات:

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات