الشرع يصل واشنطن في أول زيارة رسمية لرئيس سوري منذ 1946

نيويورك - " ريال ميديا ":

وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة، السبت، في زيارة رسمية تُعد الأولى لرئيس سوري منذ استقلال سوريا عام 1946، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا.

وتأتي الزيارة بعد يوم من رفع الولايات المتحدة اسم الشرع من قائمة الإرهاب، فيما تمهد واشنطن لمناقشة ملفات التعاون الأمني والسياسي مع دمشق. ومن المقرر أن يلتقي الشرع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطوة تاريخية من شأنها إعادة فتح صفحة العلاقات السورية – الأميركية بعد عقود من التوتر.

وكان الشرع قد زار سابقًا نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنه لم يسبق له زيارة واشنطن كجزء من جولة رسمية. وتشير التوقعات إلى أن دمشق ستوقع خلال هذه الزيارة اتفاقًا للانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، الذي تقوده واشنطن، بحسب ما أعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك.

ويأتي هذا التطور في سياق الهزيمة العسكرية التي مني بها التنظيم في سوريا عام 2019، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تسعى حاليًا إلى الاندماج مع الجيش السوري. وفي إطار الخطط الأميركية، من المتوقع أن يتم إنشاء قاعدة عسكرية قرب دمشق، حسبما أفاد مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس.

وتسعى سوريا، التي خرجت من نزاع دام 14 عامًا، إلى تأمين التمويلات لإعادة الإعمار، والتي قدّر البنك الدولي كلفتها بأكثر من 216 مليار دولار.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية تومي بيغوت: "هذه التدابير تأتي في إطار الإقرار بالتقدم الذي تحققه القيادة السورية بعد رحيل بشار الأسد، وبعد أكثر من 50 عامًا من القمع في ظل نظام عائلة الأسد".

ومن أبرز ملفات الزيارة، مناقشة المفاوضات بين دمشق وتل أبيب، في إطار اتفاقات تهدف إلى تحقيق أمن مستقر في جنوب سوريا، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من مناطق تقدمت إليها بعد سقوط الأسد، ووقف غاراتها على الأراضي السورية، بحسب ما أعلن الشرع في سبتمبر الماضي.

كما ستبحث الزيارة ملفات أخرى مهمة بالنسبة لواشنطن، تشمل التعاون في مكافحة الإرهاب، السيطرة على المخيمات في شمال شرق سوريا، تسليم الإرهابيين، وحماية حقوق الأقليات، إضافة إلى تسهيل الوصول إلى اتفاق سلام محتمل مع إسرائيل.

وأشار المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم براك، إلى أن إدارة الشرع وحكومته تقوم بخطوات إيجابية وفق وجهة نظر واشنطن، فيما أكد محللون أن الملفات ما تزال في بداياتها وتتطلب جهداً كبيراً من الطرفين للوصول إلى تفاهمات نهائية.

تأتي هذه الزيارة التاريخية في ظل تغيرات استراتيجية في المنطقة، وسط توقعات بأن تمثل انطلاقة جديدة للعلاقات السورية الأميركية بعد عقود من العزلة والتوتر.

كما أفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يباشر وضع اللمسات النهائية على صفقة شاملة مع سوريا، تشمل تفاهمات أمنية مع إسرائيل وانضمام دمشق إلى الاتفاقات الإبراهيمية.

وأوضحت الصحيفة أن الصفقة، التي ما زالت في مرحلة التفاوض النهائي، تأتي ضمن جهود واشنطن لتعزيز الاستقرار في سوريا من خلال إدماجها في إطار أمني وإقليمي أوسع، يشمل مشاركتها في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل عبر آلية غير مباشرة تُدار بالوساطة الأمريكية.

من جانبها، تسعى الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع إلى رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على البلاد، كشرط أساسي لتنفيذ أي تطبيع، بهدف تمهيد الطريق أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار الكبرى.

وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع وصول الرئيس الشرع إلى الولايات المتحدة صباح الأحد، في زيارة رسمية تُعد الأولى لرئيس سوري إلى واشنطن منذ عقود، والثانية له في الولايات المتحدة بعد مشاركته الشهر الماضي في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أصبح أول رئيس سوري يلقي كلمة أمام المنظمة الدولية منذ عام 1967.

ومن المتوقع أن يجتمع الرئيسان ترامب والشرع في البيت الأبيض، في لقاء يُنظر إليه كمحطة رئيسية في مسار التحول الدبلوماسي السوري، مع بقاء التفاصيل الدقيقة للصفقة تحت طي المفاوضات والتنسيق بين الأطراف المعنية.