الخميس 28 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

صحيفة تنشر "الرواية السردية" الكاملة لتتبّع الموساد خطوات "فخري زاده" حتى اغتياله

  • 23:49 PM

  • 2020-12-04

بيروت - " ريال ميديا ":

نشرت صحيفة "النهار" اللبنانية في عددها يوم الجمعة، الرواية الكاملة لتتبّع الموساد خطوات فخري زاده حتى اغتياله، بعد أن كان "زاده" مجهول بالكامل تقريبًا للإيراني العادي.

وقالت في روايتها: "خلافًا للقادة الإيرانيين المتعارف عليهم عبر وسائل الإعلام مثل قاسم سليماني، كان قد عُرف يوم الجمعة الماضي العالم الإيراني "محسن فخري زاده"، عقب اغتياله كأحد أبرز علماء النووي في إيران، مما شكل ضربة قوية لإيران ونظامها الأمني، وكشف مدى الاختراق الأجنبي للداخل الإيراني".

وتضيف، "يظهر ملفه الاستخباري أن السبب في ذلك لم يكن افتقاره للأهمية، بل العكس تمامًا، ففخري زاده الذي قاد في العقود الاخيرة أهم مشروع رائد منذ وصول الخميني الى السلطة، كان من أبرز الشخصيات في المراتب العليا في الجمهورية الإسلامية وأدرك الايرانيون أنه كان مستهدفًا، لذلك احاطوه بحماية أمنية مشددة، وحرصوا على أن يعرف أقل عدد من الاشخاص مكانه وماذا يفعل."

"ونقلت عن تحقيق للصحفي الإسرائيلي"رونين بيرغمان" نشره في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية عن وضع الموساد خطة لاغتيال فخري زاده، وأنه كان على رأس قائمة العلماء الإيرانيين الذين تعقبهم وكتب: "من المنطقي أن لا تعلق ملصقات رأس مشروعك الأكثر أهمية وسرية بين أشجار النخيل في شوارع طهران، بخاصة إذا كان مطلوباً للاستجواب من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

الخيط الأول

"في العام 2008 " كثر الحديث عن استعدادات إسرائيل لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وأثناء زيارة الرئيس جورج بوش إسرائيل، وخلال حفل العشاء انتقل بوش ورئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت وستيف هادلي وإيهود باراك الى غرفة جانبية، وبين رائحة الويسكي والسيجار في الهواء طلب باراك الاذن من بوش لشراء أنظمة من الاسلحة المتطورة، بما في ذلك الطائرات المتطورة التي تقلع عموديًا والقنابل التي تخترق المخابئ. لم يكن على المرء أن يكون عبقريا ليفهم سبب هذا الطلب. الرئيس بوش أوضح لمحدثيه موقفه الرافض تدمير البرنامج النووي الايراني، لكن أولمرت قال لبوش: أريد أن أريك شيئًا مهما، فغادر براك وهادلي الغرفة...هنا طلب أولمرت من بوش: "سيدي الرئيس أرجو منك عدم التحدث عن هذا مع أي شخص ولا حتى مع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية".

سحب أولمرت جهاز تسجيل صغير وضغط على زر التشغيل، جاء صوت رجل يتحدث الفارسية، هنا قال اولمرت: "هذا محسن فخري زاده، رئيس برنامج "عماد" المشروع النووي العسكري السري الإيراني الذي تنفي إيران وجوده بالمطلق".

كيف وصل هذا التسجيل إلى أولمرت؟

وفقًا لبيتر بيكر- كاتب سيرة الرئيس بوش، فإن أولمرت أخبر بوش: "إن الموساد جند عميلًا مقربًا من رئيس المشروع النووي الإيراني سجل ما قاله فخري زاده".

ولأن بوش لا يتحدث الفارسية، قدم أولمرت النص الإنجليزي. كان زاده يتحدث بصراحة وبالتفصيل عن مشروع حياته "تطوير الأسلحة النووية الإيرانية"، وكان يشكو من عدم توفير الميزانيات الكافية لهذا البرنامج، فمن ناحية اشتكى من "أنهم يريدون خمس رؤوس وبسرعة، ومن ناحية اخرى لا يدعونه يعمل"، أخيرًا ينتقد فخري زاده بعض زملائه في وزارة الدفاع والحرس الثوري بقسوة.

وحينها..قرأ بوش الترجمة والتزم الصمت محاولًا استيعاب الأمر، فالاستماع لرئيس البرنامج يتحدث عن خمسة رؤوس حربية نووية شيء مختلف تمامًا ويغير قواعد اللعبة.

أدرك أولمرت أن بوش لن يبيع إسرائيل الأسلحة التي طلبتها، لذلك قرر استغلال الفرصة لطلب آخر هو "تعاون استخباري كامل، من دون أسرار، إسرائيل ستقدم كل ما لديها من معلومات بشأن الملف النووي، من الان فصاعدًا نعمل معا في كل شيء".... وافق بوش.

كان التسجيل جزءًا من ملف ضخم جمعه الموساد بجهد كبير ومجنون ومعقد لسنوات، عن شخص واحد: فخري زاده، ضم كما لا يحصى من التفاصيل والوثائق والصور والتسجيلات، بعضها من مصادر إسرائيلية واخرى من أجهزة استخبارات أجنبية ومنها مصادر مرئية.

عملية وليدة الاغتيال

"بعد عامين".. تم تنفيذ عملية سايبر إلكترونية مشتركة "إسرائيلية-أميركية" أطلق عليها "الألعاب الأولمبية"، ألحقت أضرارًا جسيمة بالمشروع النووي الإيراني، وأخرت تقدمه بشكل كبير. كان الفيروس متطورًا، وتمكن من السيطرة على أجهزة الطرد المركزي، ومن غير المستبعد أن تكون العملية وليدة تلك الليلة التي استمع خلالها بوش لتسجيل فخري زاده.

يشرح "بيرغمان" أنه "في ضوء عدم وجود أي تأكيد رسمي لوقوف إسرائيل وراء اغتيال فخري زاده، من المهم أن نفهم كيف يتم إنشاء ملف استخباري لأي شخص سيكون الهدف لاغتيال منظم".

في جهاز الموساد يتم إنشاء ملف (تي بي أس) اختصار لمصطلح العلاج السلبي أي "الاغتيال"، عادة ما يتم إنشاء الملف من قبل موظفين محترفين وعملاء ميدانيين وضباط استخبارات وخبراء في الشأن.

المنطق واضح هنا المحترفون هم الذين يعرفون من "يساوي وزنه ذهبًا" ومن يشكل خطرًا جسيمًا، ومن سيؤدي استبعاده من اللعبة إلى تخفيف التهديدات للأمن القومي بشكل كبير، يقوم المحترفون بجمع ملف للمعلومات حتى يتوصلوا إلى استنتاج مفاده أن الامر يتجاوز الحد، فيرفعوا الأمر الى رئيس الجهاز، وفي حال قبوله التوصية يأخذها إلى رئيس الوزراء للموافقة عليها من حيث المبدأ، وبعدها تبدأ الاستعدادات لتنفيذ المهمة.

في تلك اللحظة تأخذ المعلومات طابعًا مختلفًا إضافة لتوثيق "الافعال السيئة" للهدف، وتبدأ مرحلة جمع دقيق لروتين حياته، وعندما يشعر الجهاز أنه قادر على تنفيذ المهمة يعود الى رئيس الوزراء، ويتم بعدها طرح المهمة للنقاش في "لجنة رؤساء الخدمات" التي تضم رؤساء الموساد والشاباك وقائد القوات المسلحة، كما يحضر رئيس الاركان بعض الاجتماعات.

ويشير "بيرغمان" إلى أن "من المواد الاستخبارية التي تم جمعها اتضح أن المهندس الواعد محسن فخري زاده من مواليد 1961 متزوج ولديه أبناء، كان أستاذًا للفيزياء في جامعة الامام الحسين، كانت محاضراته تحظى بشعبية بين الطلاب. رئيس معهد الابحاث النووية التحق بالحرس الثوري عام 1979 وعمل في البداية ضابط علميا".

المخططات الأولى.. كسب الثقة

"عام 1993" أومض اسم فخري زاده رادار جهاز الموساد للمرة الاولى، تم توظيف عميل شاب أطلق عليه اسم" كالان" قيل يومها أن له مستقبلًا واعدًا، ونجح بتمرير المخططات الأولى لجهاز الطرد المركزي من إيران، كانت هذه بدايات نظام التخصيب النووي، حصل فخري زاده على ثروة من المعرفة والمعدات من والد المشروع النووي الباكستاني الدكتور عبد القادر خان، أما العميل "كالان" الذي ارتقى الى مستوى التوقعات، فهو اليوم رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين.

بعد أن أصبح الموساد في قلب عين زاده، تبين أن هناك شيئًا دقيقًا آخر أكثر مركزية واهمية. تم اكتشاف العديد من الوثائق التي قام بتوقيعها بقلم حبر أزرق على جانبي الصفحة، مواد في غاية السرية ولا يتم تحميلها على جهاز كومبيوتر، إضافة لزياراته المتكررة لأحد المواقع التجريبية مع أقرب مساعديه، كما أنه طلب من رجاله العثور على موقع لإجراء تجربة نووية تحت الارض.

يظهر ملف فخري زاده انه مدير ممتاز ومثير للإعجاب، تكنوقراط موهوب، التزم الهدف الذي وضعه أمامه، دقيق في الرسومات والتفاصيل بقلمه الازرق، لا يتعامل مع المسائل الاخلاقية، فقط كيف سيصنع القنبلة الذرية لإيران وكيف يخدع العالم ويخفيها.

سيناريو لم يكتمل

"عام 2002" أعد الموساد قائمة بأسماء كبار العلماء الإيرانيين، معظمهم أعضاء في "مجموعة أسلحة" فخري زاده، وتم وضع اسمه على رأس القائمة، في مرحلة ما أعد الموساد سيناريو لاغتياله بناء على ملفه، وافق أولمرت على الخطوط العريضة للعملية، لكن شعبة الاستخبارات في الجيش عارضت بشدة إيذاء فخري زاده، ليس من باب الشفقة، كما أن مسؤولًا رفيعًا في الموساد أقنع أولمرت بأن الإيرانيين على علم بمخطط الاغتيال، فأمر أولمرت داغان بإلغاء العملية، لكن أولمرت ادعي أن داغان من الغى العملية.

"عام 2008" ظهر أن فخري زاده كان يبني موقعًا ضخمًا لتخصيب اليورانيوم داخل شبكة أنفاق في أعماق جبال منطقة بيرديو.

انتهاء قبل الاكتمال

"عام 2015" ظهر امكان قتل فخري زاده مرة اخرى، لكن جهاز الموساد حذر من أن مثل هذا الاغتيال سيتسبب بأزمة، لأن إدارة الرئيس أوباما كانت تفاوض إيران من دون علم إسرائيل. في إسرائيل يزعمون أنه رغم رياح المصالحة مع واشنطن، استمر فخري زاده في العمل ساعيًا وراء القنبلة طوال الوقت، لم يتخل المهندس المخضرم ذو القلم الأزرق عن حلمه الكبير " وضع رأس نووي على صاروخ" لكن اغتيالا غامضًا قطع هذا الحلم.

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات