الخميس 28 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

من ذاكرة المخيم ...بطولة وانتقام

  • 20:33 PM

  • 2020-05-29

فايقة الصوص:

يا أهالي معسكر البريج ، ممنوع التجول حتى إشعار ٱخر ، واللي بطلع من بيتو رايح ينطخ بالنار .وعلى جميع الرجال من سن ال 16 حتى ال 60 التوجه إلى مدرسة ذكور الابتدائية أ " واللي بيظل في بيتو رايح يعرض نفسه للخطر .
هكذا كان ينادي الجيب العسكري الإسرائيلي عبر مكبر الصوت بلهجة حاقدة ، وهو يجوب شوارع مخيمنا وسط القطاع صباح يوم 31 يناير 1970
إنه الانتقام الذي ينوونه الان، بعدما نفذت الليلة الفائتة مجموعة من فدائيي الجبهة الشعبية عملية بطولية ضد كمين نصبته قوات الاحتلال لهم عند دورار الحمام أدت إلى مقتل عدد كبير من جنودهم .
لقد أرعبتهم هذه البطولة ، إلى الحد الذي جعل موسى ديان " وزير الدفاع الإسرائيلي " يحضر بطائرة مروحية إلى مخيم البريج ليتابع بنفسه عملية تمشيط المخيم للقبض على الفدائيين المطاردين .
عسكروا المخيم ، فنصبوا برج مراقبة في ساحة السوق . اعتلاه جندي يرصد بمنظاره اي تحرك في المخيم
تمركزت الٱليات العسكرية في الشوارع ، وانتشر جنود المشاة في الأزقة والحارات لمداهمة جميع البيوت بعد ان خلت من رجالها ، وقع بساطيرهم يدب الرعب في قلوب النساء والاطفال .
أخذوا يداهمون البيوت ، يدفعون الابواب ببساطيرهم و ينتشرون في جميع اركان البيت الذي يدخلونه ، يحتجزون الاطفال والنساء في غرفة ، ويقف احدهم مسلطا سلاحه نحوهم وكأنهم رهائن ، وٱخرون يفتشون كل شبر في البيت ، يرمون محتوياته على الارض ؛ الملابس والفراش والمواعين والمونة . كما حفروا بالكمبريصة أرض بعض البيوت بحثا عن وكر الفدائيين .هكذا فتشوا جميع بيوت المخيم وخرجوا منها خائبين .
في هذه الأثناء كان جنود الاحتلال ينتشرون بكثافة في محيط المدرسة وداخلها . رجال المخيم جالسون في الساحة بعد أن مروا واحدا واحدا من امام جيب عسكري مصفح ، للاستدلال على الفدائيين ، انتهى هذا الإجراء دون ان يجدوا احدا منهم ، ولن يجدوهم .
استمر جلوسهم على الأرض لأكثر من سبع ساعات تحت الشمس ، إنهم بحاجة ملحة لشربة ماء و لدخول الحمام ، فسمحوا لهم بالذهاب إلى المراحيض اثنين ، اثنين . يا لسخرية القدر ، المحتل يتحكم حتى في الحمام !!!
وصل الضجر مبلغه معهم ، فبدأوا بالتململ والتحرك والوقوف ، والممازحة لتغيير مزاجهم السيئ . لم يرق هذا لجنود الاحتلال الذين خاب أملهم في تحقيق هدفهم بعد كل هذا العناء ، فخرج عليهم جندي حاقد قائلا دون ان يكرر : أقعدوا على الأرض ، اللي مش قاعد رح أطخه !!!
وما كاد هذا الجندي الارعن ان يكمل كلامه ؛ حتى سحب أجزاء سلاحه وضغط على الزناد ، فانطلقت منه ثلاث رصاصات أصابت أربعة رجال . فأصيب ابو صالح الور برصاصة خرجت من كتفه واستقرت في رقبة ابو رمضان الشريف فاستشهد بعد يومين من إصابته . كما استشهد ابو جهاد ابو مرعي ، و اصيب ابو حسين السيد بطلق في ساقه .
‌ لقد تدخلت العناية الإلهية ، وأحدثت خللا في سلاحه ، فلم يتمكن هذا الحاقد من ان يطلق رصاصا أكثر . ولو ساعده سلاحه لأكمل المخزن ولكانت مجزرة داخل المدرسة يسجلها التاريخ مع سلسلة مجازرهم بحق شعبنا .
انتهى الطوق عصرا ، وتوشح المخيم السواد . فيما شيع الشهداء في جنازات شعبية مهيبة .

فيما كان الفدائيون قد نجحوا بالانسحاب من موقع العملية في تلك الليلة ، رغم إصابة اثنين منهم بجروح ، حيث أصيب محمود عليان في معصمه ، و كانت جراح حسن العامودي بليغة في كتفه ، ورغم دمه النازف إلا أنه خرج من مربع الخطر زحفا ، وتمكنت المجموعة من الوصول إلى مخيم المغازي و المبيت تلك الليلة في وكرهم السري هناك .
ذلك الوكر الذي توصل إليه المحتل بعد أقل من ثلاثة اشهر من العملية ، فنسفه ونسف البيت على من كان فيه ، فاستشهد اربعة من رفاق الدرب يوم 18ابريل 1970 وهم : محمود عليان وعبد الله حسين وعبد المجيد السعيدني وأحمد عبد الهادي .وباستشهادهم أضافوا صفحة مشرقة إلى سجل الخالدين .
رحم الله شهداء الوطن ، وتقبلهم في عليين .

الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة أنها تعبر عن الموقف الرسمي لـ "ريال ميديا"

.

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات