الجمعة 29 مارس 2024

  • أسعار العملات
    العملة سعر الشراء سعر البيع
    الدولار الامـريكي 3.78 3.8
    الدينــار الأردنــــي 5.35 5.37
    الـــيــــــــــــــــــــــــورو 3.04 4.06
    الجـنيـه المـصــري 0.1 0.12

حكاية الولد الفلسطيني

قصيدة للشاعر الكبير الراحل / أحمد دحبور

  • 20:12 PM

  • 2020-04-09

أحمد دحبور*:

حكاية الولد الفلسطيني
لأن الورد لا يجرح
قتلتُ الورد
لأن الهمسَ لا يفضح
سأعجنُ كل أسراري بلحم الرعد ْ
أنا الولدُ الفلسطيني
أنا الولد المطل على سهول القش والطين ِ
خَبَرْت غبارها ، و دوارَها ، والسهد
وفي المرآة ضحكني خيال رجالنا في المهد
وأبكاني الدم المهدورُ في غير الميادين ِ
-تحارب خيلنا في السِند
ووقت الشاي ... نحكي عن فلسطين
ويوم عجزت أن أفرح
كَبرْت ، وغيرَت لي وجهها الأشياء
تساقطت الجراح ، على الربابة ، فانبرَت تَصْدَحْ
بلاد الله ضيقةٌ على الفقراء
بلاد الله واسعةٌ وقد تطفح
بقافلة من التجار والأوغاد والأوباء
-أيأمر سيدي فنكب أهل الجوع والأعباء؟
-أتقذفهم ؟ ومن يبقى ليخدمننا ؟
-إذن تصفح
ويوم كَبرْتُ لم أصفح
حلفت بنومة الشهداء، بالجرح المشعشع فيَ : لن أصفح
*****
أنا الرجل الفلسطيني
أقول لكم :رأيت النوق في وادي الغضا تذبح
رأيت الفارس العربي يسأل كسرة من خبز حطين ولا ينجح
فكيف ،بربكم ، أصفح ؟؟
أنا الرجل الفلسطيني
أقول لكم : عرفتُ السادة الفقراء
وأهلي السادة الفقراء
وكان الجوع يشحذ ألف سكينٍ
وألف شظيةٍ نهضت، من المنفى ، تناديني:
-غريب وجهك العربي بين مخيمات الثلج والرمضاء
بعيدٌ وجهك الوضاء
-فكيف يعودُ ؟؟
-بالجسد الفتيِ تعبد الهيجاء
سنرفع جرحنا وطناً ونسكنه
سنلغم دمعنا بالصبر بالبارود نشحنه
ولسنا نرهب التايخ ، لكنا نكونه
-جياعٌ نحن
-طاب الفتح ،إن الجوع يفتنه
جياع نحن؟؟ ماذا يخسر الفقراء؟؟
إعاشتهم؟؟
مخيمهم؟؟
أجبنا أنت ماذا يخسر الفقراء؟؟
أنخسر جوعنا والقيد؟؟
أتعلم أن هذا الكون لايهتم بالشحاذ والبكاء ؟
اتعلم أن هذا الكون بارك من يرد الكيد؟
-علمت
-إذن ؟؟
-ليغل وطيسنا المخزون في كل الميادين
لتغل مخيمات القش والطين
*****
أنا العربي الفلسطيني
أقول ، وقد بدلت لساني العاري بلحم الرعد
ألا لا يجهلن أحد علينا بعد
حرقنا منذ هَلَ الضوء ثوب المهد
وألقمنا وحوش الغاب مما تنبت الصحرا رجالاً لحمهم مُرٌ، ورملاً عاصف الأنواء
ولما ليلةٌ جنت أضاء الوجد
وقد تعوي الثعالب وهي تدهن سمها بالشهد
-ضغارٌ عظمهم هش بدون كساء
أيتحملون برد الليل ؟؟ هل نصر بهم يحرز ؟؟
-أجل ونهارنا العربي مفتوح على الدنيا على الشرفاء
أجل ... ويضيء هذا النصر في الطرقات والأحياء
لأن الكف سوف تلاطم المخرز
ولن تعجز
ألا لا يجهلن أحد علينا بعد ، إنَ الكف لن تعجز

 

***صادف الثامن من أبريل / نيسان، الذكرى الأولى لرحيل الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور (1946-2017) كاتب أهم أغنيات الثورة الفلسطينية، التي اشتهرت بها وغنتها فرقة العاشقين.

عمل مديرا لتحرير مجلة (لوتس) حتى 1988 ومديرا عاما لدائرة الثقافة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان عضوا باتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين.

أصدر العديد من الدواوين الشعرية من أشهرها (الضواري وعيون الأطفال) و(حكاية الولد الفلسطيني) و(طائر الوحدات) و(شهادة بالأصابع الخمس) و(كسور عشرية) وحصل على جائزة توفيق زياد في الشعر عام 1988.

لا تزال الكثير من الأغنيات التي كتب كلماتها تتردد في العديد من المناسبات الوطنية ومنها (اشهد يا عالم) و(عوفر والمسكوبية) و(يا شعبي يا عود الند) و(والله لأزرعك بالدار) و(يا بنت قولي لأمك) و(غزة والضفة) و(صبرا وشاتيلا) وغيرها.

في أي لقاء أدبي أو ندوة شعرية أو حوار صحفي، تكون حيفا جوهر ولذة ما سيقوله، فهو المليء بحيفا، وكما قالها مرة: لا أكلّ من الذهاب إلى حيفا.

دحبور المولود في حيفا، يوم 21-4-1946، والعائد إلى حيفا يوم 21-4-1996، جرحه الأول خسارة حيفا، شاءت الأقدار أن تكون الخسارة في عيد ميلاده الثاني، في 21-4-1948، فيقول "لم يشعل لي أهلي شمعتين احتفاءً بعيد ميلادي الثاني، إنما حملوني وهاجروا بي إلى المنفى".

هي حال أقدار كثير من الفلسطينيين، فيها من الغرابة والمصادفة ما يضمن لأن تكون حياة كل واحد فيهم رواية، وهم الذين يلتقون بأبنائهم وآبائهم خلف قضبان سجون الاحتلال، ومنهم من ولد وعاش ومات وهو يحلم بأن يشم هواء الوطن، وآخرون هجّروا وهم يحملون من الوطن أسماء بلداتهم الصغيرة وبضع حكايات يروونها شفويا منذ سبعين سنة، ومنهم من أخذه الكبر إلى نسيان تلك التفاصيل، وهذا طبيعي جدا، لأولاد كانوا بعمر الثامنة والتاسعة، قبل أن تخطف المنافي باقي العمر.

حين عاد للوطن، بعد 48 عاما من التهجير عاشها في حمص، قرر دحبور أن يدخل حيفا يوم 21-4-1996، زار بيته ووجد قاطنيه من العرب، فاطمئن.

حيفا هي خلاصة روحه، عرفها من أمه وجدته، كان يساوره قلق: هل حيفا بهذا الجمال فعلا، أم أنه من نسج خيال أمه؟ وحين زارها كانت حيفا أكثر جمالا وبهاء من وصف أمه.

وإن عجز جسد دحبور الممدد على سرير الشفاء، فإن أشعار وأفكار وأغنيات من كتب في حمص عام 1969: "إن الكف لن تعجز، وباقية في أعراس الشهداء، وكلمات الشعراء، وجدران الحارات والأزقة، تصدح من البيوت والإذاعات والمناسبات الوطنية، باقية في العقول المنتفضة كل وقت على التشرد.

يقول الذين عرفوه: علمنا كيف تسكن الأوطان فينا ونحن نسكن المنافي. فهو الذي كتب:

أنا الولد الفلسطيني

أنا الولد المطل على سهول القش والطين

ويوم كبرت.. لم أصفح

حلفت بنومة الشهداء، بالجرح المشعشع فيّ: لن أصفح..

وهو الذي صرخ في قصيدة "جنسية الدمع" يا فلسطين، يا دمعة الله، للحزن أن يترجّل يوما، ليدخل، من بيت لحمك، طفل الفرح ونعرف ماذا يخبئ، في الدمع، هذا القطار ولكن أيرجع من ذهبوا؟ لقد ذهبوا ليعيدوا النهار لكنهم ذهبوا".

تعلم في طفولته على يد أمه وجدته، قبل أن يعرف الشعراء، خاصة في بداياته، أهمهم موريس قبق، ونزيه أبو عفش.

نشر أول مجموعاته في سن الثامنة عشرة، قبل ذلك كان قد نشر قصائد بدائية، لكنه رفض أن تكون انطلاقته الفعلية.

أحمد دحبور الشاعر والإنسان، حاضر في كل بيت فلسطيني، بأربعة عشر ديوانا، وبأغانيه التي يرددها معظمنا دون أن يدري من كتبها، ومنها: والله لازرعك بالدار يا عود اللوز الأخضر، ودوس منت دايس عالزناد، اشهد يا عالم علينا وع بيروت، وجمّع الأسرى جمّع في معسكر أنصار، ووردة لجريح الثورة، وهبت النار والبارود غنى، وأبو إبراهيم ودع عز الدين، وفي كل بيت عرس ودمعتان، والعديد من المواويل والأغاني الثورية.

قام دحبور ببطولة الفيلم الروائي القصير "الناطور" عام 1988، وأدى فيه شخصية الفلاح الفلسطيني أبو القاسم، الذي يصبح حارسا "ناطورا" للمدرسة في قريته، بعد أن قام جند الاحتلال الصهيوني بمصادرة أرضه.

كلمات دلالية

اقرأ المزيد

تحقيقات وتقارير

ثقافة وفن

مساحة اعلانية

آراء ومقالات

منوعات